مصر دولة عريقة بتاريخها،ومازال شعبها يتغنى بماضيها من خمسة آلاف سنة،وحضارتها العظيمة إلى اقتبس منها الآخرين فتفوقوا على المهد والأصل،ففى عهد "سقنن رع" احد أعظم ملوك مصر حيث انه أول من بدأ القتال الفعلى لطرد الهكسوس من مصر،والتي أنهاها ابنه" أحمس الأول "،وهو ابن الملك "سانخت ان رع تاعا الأول" ويسمى أيضا " سقنن رع تاعا الأول" والملكة" تتي شري " وتواريخ حكمه غير مؤكده ولكن يعتقد انه تولى الحكم في 1560 ق.م أو 1558 ق. م،سقنن رع كان ملك مصر من الأسرة السابعة عشر،بدأ حرب تحرير مصر من المحتلين الهكسوس و استشهد فى المعركة،وموميته محفوظه فى المتحف المصرى فى القاهرة،لكن ما لفت انتباهى وأنا اقرأ فى تاريخه انه أمر بتعليم الأطفال فى المعابد وشدد على انه من لم يقوم بتعليم أطفاله يسلب منه ممتلكاته ويحرم من العطايا،فقد كان مهتماً بالتعليم وكان التعليم يتم فى المعابد،ومن هذا الملك مروراً حتى جاء محمد على مؤسس مصر الحديثة الذى وضع عينه على التعليم وأرسل البعثات للخارج وانشأ المدارس التى كانت تنشأ أجيال على أفضل تعليم متاح وقتها،ثم مرورً،هدم النظام السابق كل الثقافة لدى الشعب المصرى وركز كل مجهوداته التعليمية والثقافية على تخريج أجيال من الجهلاء والغير المثقفين،حاملين لشهادات عليا دون تعليم حقيقى،وكان الهدف من ذلك السيطرة على العقول وبالتالى السيطرة على مصر،فلا يمكن لدولة أو وطن أن يتقدم أو يكون لدية رؤية مستقبلية إلا بالتعليم والثقافة . ونتيجة لذلك أصبحنا فى مجتمع غالبيته يعانون أمراض الجهل والفقر والمرض،ويسيطر على أفكاره سموم إعلام النظام السابق،ونشر أفكارا تهدم الذاتية المصرية وتقضى على أحلام الشباب،فنشروا أفكارا هدامة وأتاحوا المخدرات والدعارة وسلبوا إرادة الشباب،وجعلوا منهم مجرد بشر يعيشون ليأكلون ولا يفكرون،واذا فكروا اصطدموا بحائط سد هو القمع والتعذيب والسجون وعدم الحرية،إنها جرائم ترقى الى جرائم ضد الإنسانية،وأيضا أصبحنا فى مجتمع ينتشر فيه الشائعات ويروجها من يمتلك الإعلام والمال والقوة لبث معلومات معينة تفضى فى النهاية إلى ما يريدون،فإذا كانت الثورة المصرية قد أزاحت رأس النظام بجبروته وفرعونيته،وبعضاً من حاشيته،إلا أن النظام بجسده موجوداً ويمارس أساليبه السابقة لإيجاد فرصة لإعادة الروح له من جديد،وخشية من محاسبتهم على فسادهم،كل ذلك كانت نتيجته أن الشعب الآن أصبح صعب ان يجد طريقاً صحيحا فى تفكيره: من يختار رئيساً؟ فهو لم يستطيع أن يتخذ القرار،ومما زاد الأمر صعوبة تحجيم دور العلماء،واتسام بعضهم بالفساد ومشاركة النظام السابق مما افقد الشعب الثقة فيهم،فأصبح الشعب أمام مرشحين للرئاسة وعلى الشعب أن يختار،وأصبح أمامه برامج تدعى"برامج رئاسية،معظمها شعارات وسطوراً وضعت بعناية فائقة من اجل الوصول للمنصب واستخدم فيها أكفأ العقول فى جميع التخصصات،وبرامج إذا اطلعت عليها وجدتها ترضى الجميع،وبذلك تفقد اى لون او تميز،وإنما عبارة عن سلم الوصول،وللخروج من ذلك المأزق لو تركنا البرامج الرئاسية جانباً،لنبحث فى الأشخاص لعلنا نجد الفارق ونختار من بينهم،فنجد من يتحدث ليس هو من نعرفه،فأصبح الكل مؤمن بحقوق الإنسان وبالديمقراطية ومتدين،ولدية رؤية لخروج ونهضة مصر فى شهور،وكلاماً كان المصريين يحلمون،وهذا سوف يؤدى بالتأكيد إلى انعكاسات غير سليمة بعد انتهاء الانتخابات للتصادم مع الواقع،وليس أمامنا الآن إلا سؤالاً حتى يكون حديثنا مفيداً ويخرج بنتيجة لقارئ الحديث : ما المخرج من ذلك ؟ ان نختار بضمائرنا وان نعلى الموضوعية والنزاهة فى هذا الاختيار،ولا ننظر إلى مصلحة أو علاقة شخصية،ولا نهتم بمعسول الكلام أو المظهر الخارجى،ولا بطريقة الأسلوب والتحدث،فهذا كله لن يفيد مصر،وإنما ما يفيدنا جمعياً هو رجل صالح يؤمن بالعدل والحرية،وهذا الإيمان ليس لمجرد الوصول إلى منصب،وإنما عقيدة لدية راسخة،وهذا لا يتأتى إلا بمعرفة دقيقة للمرشح الذى سوف تختاره،واعلم انك لو أعليت المصلحة على قرار الموضوعية والحق،فأنك اول المتضررين ،فلن تجد من هؤلاء من يريدون توزيع الفقر بالعدل على الشعب،او من يتحكمون فى أمنك وقوتك سوى التمرد بعد ذلك،وللأمانة التاريخية فربما لا يكون للموضوع زمناً أخر إلا بعد عدة سنوات،لا تنتظروا الخير أو العدل من اشتراكي أو شيوعى،أو وصولى،أو متلون،أو متحول،أو مشارك فى فساد،أو من يديه ملوثه بدم،او من يعتريه كبرياء وعظمة،او ...،وإنما انتظروا الصلاح والإصلاح من رجل متواضع مؤمن بتاريخه بالعدل والحرية لكل المصريين. د.سرحان سليمان الكاتب الصحفى والمحلل السياسى والاقتصادى [email protected]