مازال مشروع قانون الضرائب علي الدخل الجديد مثار جدل في الاوساط الاقتصادية بصفة عامة والمالية بصفة خاصة سواء من خلال انعاكسه المتوقع علي انعاش الحالة الاقتصادية نتيجة زيادة القوة الشرائية المتوقعة من جراء تخفيض الشرائح الضرائبية علي الممولين او بواسطة الأسلوب الجديد الذي سوف تنهجه مصلحة الضرائب في التعامل مع الممولين. وهذا الاسلوب وصفه وزير المالية في اكثر من مناسبة بأنه اسلوب يعتمد علي تعزيز الثقة وتعميق المصداقية ما بين الضرائب والمجتمع الضريبي الذي سوف يتم التعامل معه ولاول مرة بواسطة الممول الذي سيقدر الضريبة المستحقة عليه فعلا من خلال الاقرار الضريبي المقدم منه. "العالم اليوم" فتحت صفحاتها ومازالت لسلسلة من الندوات والحوارات والمقالات حول القانون الجديد والذي تم الموافقة عليه في مجلس الشوري وبنظر المناقشة النهائية بمجلس الشعب تمهيدا لاقراره والعمل به. وارسل لنا الدكتور جلال الشافعي استاذ المحاسبة الضريبية بكلية التجارة جامعة الزقازيق دراسة مهمة تتعلق بالفحص الضريبي الانتقائي للضرائب علي الدخل ومدي امكانية تطبيقه في مصر. ورد في مشروع قانون الضرائب علي الدخل الجديد انه علي مصلحة الضرائب فحص اقرارات الممولين سنويا من خلال عينة يصدر بقواعد ومعاييرتحديدها قرار من وزير المالية بناء علي عرض رئيس المصلحة. وهو مايفيد اتباع نظام الفحص الضريبي بالعينة او "الانتقائي". وقد دأبت مصلحة الضرائب العامة علي استخدام اسلوب الفحص الضريبي الشامل منذ بداية العمل بالتشريع الضريبي بصدور القانون رقم "14" لسنة 1939 حتي الان. ويقصد بأسلوب الفحص الضريبي الشامل فحص جميع الاقرارات الضريبية حيث يقوم الفاحص بفحص جميع القيود الواردة في الدفاتر والسجلات وجميع المستندات والترحيلات والجمع والترصيد ثم الحسابات الختامية وقائمة المركز المالي للتحقق من ان جميع العمليات مثبتة بإنتظام وانها صحيحة وان جميع الدفاتر والسجلات وما ورد بها من حسابات اوبيانات سليمة وليست بها اية اخطاء او غش او تلاعب. وقد تبين ان الفحص الضريبي الشامل يشويه العديد من العيوب التي تتمثل في الآتي: 1- انه يتطلب فحص جميع الحالات مما يؤدي الي طول وتعقد الاجراءات وزيادة الاعباء والتكاليف الادارية. 2- طول الوقت الذي يستغرق حتي تصبح الضريبة واجبة الاداء الامر الذي يترتب عليه تأخر توفير حصيلة متجددة للدولة تمكنها من مواجهة الاعباء المالية العامة او تنفيذ خطط التنمية. 3- تعرض بعض الحالات للسقوط بالتقادم الخمسي وضياع حصيلة الضريبة علي الخزانة العامة للدولة وذلك لعدم القدرة علي فحص جميع الحالات خلال المدة القانونية. 4- التركيز علي الكم دون الاهتمام بمستوي جودة الفحص مما يؤدي الي عدم الدقة الكاملة في اعمال الفحص وبالتالي زعزعة الثقة بين الممولين والادارة الضريبية. 5- ان تراكم المستحقات الضريبية لدي الممولين لفترات طويلة نتيجة تأخر الفحص لبعض سنوات يؤدي الي صعوبة تحصيلها. 6- ان تأخر تحصيل المستحقات الضريبية في حينها يؤدي الي تخفيض قيمتها الحالية وفي ذات الوقت فان حرمان الخزانة العامة من تحصيل هذه المستحقات في حينها يؤدي الي اصدار اذون خزانة او الاستدانة بفوائد كان يمكن تلافيها لو تم تحصيل الضرائب في وقتها المناسب. 7- انه لايشجع الممولين علي الالتزام الطوعي نظرا لانه يخضع الجميع للفحص ويستوي في ذلك الملتزم بتقديم اقرارات صحيحة وغير الملتزم بذلك. 8- انه يحتاج الي اعداد كثيرة من الفاحصين الذين يصعب توفيرهم في الوقت المناسب. 9- انه يؤدي الي عجز في تنفيذ خطة الفحص وعدم توفير الوقت الكافي للفاحص لتجميع البيانات وفحص الحالات المكلف بها خاصة التي تستند علي دفاتر محاسبية والمهمة منها ممايترتب عليه تراكم سنوات التحاسب الضريبي. وفي حقيقة الامر انه بعد التطور الضخم في حجم النشاط الاقتصادي وماترتب عليه من زيادة اعداد الممولين وحجم معاملاتهم وبعد ان ظهرت الشركات العملاقة ذات النشاط الضخم والعمليات الكثيرة المتعددة مما يتعذر معه فحص جميع هذه العمليات فحصا شاملا. وبعد ظهور الثورة التكنولوجية العارمة وانتشار مظاهر العولمة الصاخبة لم يعد للفحص الضريبي الشامل مكان في عصرنا الحديث بل اصبح من المستحيل الاستمرار في تطبيقه بالنسبة للشركات الضخمة علي الاقل وكان لابد من البحث عن اسلوب للفحص الضريبي يقوم اساسا علي الميكنة الحديثة ويستخدم الاساليب التكنولوجية المتطورة. ولذلك اتجه مشروع قانون الضرائب علي الدخل الي ان يكون الفحص الضريبي وفقا لنظام العينة "الانتقائي". وفي هذا البحث سأحاول التعرف علي مفهوم الفحص الضريبي الانتقائي ومزاياه ومقومات تطبيقه والتخطيط والاعداد له ثم مناقشة مدي امكانية تطبيقه في مصر وذلك من خلال تناول النقاط التالية: