طلسم مشوش وملغز.. الانتخابات العراقية! فك خيوطها المعقدة يحتاج لحكمة لقمان وصبر أيوب، وكتائب مسلحة تحفظ الأمن، وطوابير من عربات الاسعاف لحقن الدماء! تراوح الحديث عن تأجيلها، أو اتمامها في موعدها نهار الاحد 30 يناير، وكأنها ورقة يانصيب! كان أجرأ من تحدث عن تأجيلها حازم الشعلان وزير الدفاع العراقي، ليكشف ان التأجيل رغبة عليا في دوائر حكومة اياد علاوي.. وان كان غازي الياور الرئيس العراقي المؤقت قد سبقه باحالة جدوي توقيت الانتخابات الي الاممالمتحدة لتقر فيه قرارها! توالت الضغوط من واشنطن ولندن علي رئيس الحكومة العراقية المؤقتة تؤكد له التزامها المشدد بإجراء الانتخابات في موعدها.. وضعوا الكلام في فمه فردده، رغم اليقين بان الانتخابات ستجيء برئيس حكومة شيعي يمثل الاغلبية ليملأ مقعده! لماذا يصر بوش بمنتهي العناد علي اجراء الانتخابات العراقية في موعدها؟ وما هو وجه الحرج السياسي ان تم تأجيلها؟! مسئول بالبيت الابيض يكشف: نحن لا نعتبر ان في التأجيل هزيمة.. وانما هو تنازل خطير امام المقاومة العراقية التي نحاول احتواءها.. ثم انه يفتح تحت اقدامنا حقل ألغام قانوني وسياسي معا.. فالحكومة المؤقتة ينتهي تفويضها بالحكم نهار الانتخاب! والشيعة اغلبية ديموجرافية نسبتها 60% وهم لن يقبلوا بأي تأجيل لتسلم الحكم من السنة، ان جاءت بأغلبيتهم الانتخابات، وهو أمر محتم! في مؤتمر صحفي.. الاربعاء 5 يناير - تنصل اياد علاوي من أي سلطة تخول له تأجيل الانتخابات، باعتبار التأجيل من اختصاص المفوضية العليا للانتخاب.. بينما اعلنت المفوضية ان التأجيل لا يمكن طرحه الا اذا تعرضت عملية التصويت لاستحالة مادية (physically impossible)! واضاف علاوي عقدة اخري امام اسنان المنشار، قال: "ان اي تغيير في الترتيبات الانتقالية لابد ان يصدر بها قرار من مجلس "الأمن"! ماذا لو تمت الانتخابات في غيبة اصوات السنة ومرشحيهم؟ سوف يطعن في نتائجها بالنقصان وعدم الشرعية.. وترتفع ألسنة لهيب المقاومة الي عنان السماء.. والسنة اقلية نسبتها 30% من الشعب العراقي، لكنهم يتعاطفون مع المقاومة.. حتي الاحزاب المعتدلة منهم انسحبت من ساحة الانتخابات، بدعوي عدم الامن، وهي دعوي صحيحة.. فالسيارات المفخخة تفجر مكاتب المفوضية العليا للانتخابات.. ومسئولوها يتعرضون للاغتيال في كمائن للموت.. وأغلبهم فر بعمره فرارا! الإيرانيون يصوتون.. بالعراق! مازالت واشنطن تتمسك بالأمل في أن يعيد رموز السنة النظر في موقفهم، حتي لا تتم اعادة تشكيل الحكم العراقي في غيبتهم.. لكن السنة لا يرون في الانتخابات المقبلة الكلمة الفاصلة في مستقبل العراق.. وان الركب السياسي لن يقلع في نهر الفرات بغيرهم، وبغير صيغة تحتضنهم، ولو بقوة السلاح! ومازال سلاح المقاومة المناصر لأهل السنة يتفجر في بغداد، يلاحقه رجع الصدي في الموصل اقصي الشمال! وتعطي قيادة القوات الامريكية في العراق عناية خاصة لتأمين عملية الانتخاب في العاصمة بغداد.. بدأ تنفيذ الخطة الاسبوع الماضي.. ورغم ذلك فان سكان عاصمة الرشيد لا يحسون بأي قدر من الامان.. يتعرضون كل طلعة شمس ل 12 هجمة انتحارية في المتوسط، اغلبها يستهدف المثلث الاخضر وتخومه، معقل الحكومة العراقية ومقر السفارة والقيادة الامريكية! تستهين القيادة الامريكية بالمقاومة العراقية، وتقدر عدد افرادها بحوالي 5 آلاف مقاتل.. بينما يقفز العدد في تقدير اللواء محمد عبد الله الشهواني مدير المخابرات العراقية الي 200 الف! للمقارنة: عدد القوات الامريكية في العراق كان 138 الفا.. زيد قبل اسبوعين الي 150 الفا! وتدعي القيادة الامريكية انها قتلت في الفلوجة حوالي 1000 من عناصر المقاومة، وأسرت 2000.. وبحساباتها اذا لم يبق من رجال المقاومة غير 2000! أكبر قائمة بين قوائم الانتخاب هي قائمة التحالف العراقي المتحد.. وتضم مرشحي احزاب الشيعة، وبعض الاحزاب المستقلة، تحت راية آية الله علي السيستاني.. وفي تصريح خطير للملك عبد الله عاهل الاردن، قال ان هناك مليون ايراني عبروا الحدود الي العراق ليصوتوا في الانتخابات الي جانب شيعة العراق، الامر الذي سوف يدفع اهل السنة الي المصادرة مسبقا علي نتائج الانتخابات! هذا الاسبوع، بدأ بعض احزاب قائمة التحالف يتوددون الي زعامات السنة، ويبرئون انفسهم من أي تقارب مع ايران، وانهم انما ينشدون العراق الموحد. لكن الواقع التاريخي لاحزاب القائمة انهم اقرب الي ايران، وابعد عن واشنطن.. وسواء تمت الانتخابات في موعدها، أو اجلت، فان خبراء الانتخابات يجمعون علي ان الشعب العراقي ومهمة امريكا في العراق، سوف يبحران معا في مياه مجهولة (unchated waters)!