هل تعاود البنوك الاسرائيلية محاولاتها الرامية إلي فتح فروع لها في مصر؟ السؤال طرحته التطورات الأخيرة علي مستوي ملف العلاقات المصرية الاسرائيلية والتي بدأت باطلاق سراح الجاسوس الاسرائيلي عزام عزام والافراج عن ستة طلبة محتجزين في السجون الاسرائيلية؟ مصادر مصرفية تتوقع عودة بعض البنوك الاسرائيلية لمحاولاتها لايجاد موطن قدم لها داخل السوق المصري. إلا أن هذه المصادر تتوقع في المقابل حدوث فشل ذريع لهذه المحاولات لأسباب عدة علي رأسها. * رفض الرأي العام المصري أية محاولات للتطبيع مع إسرائيل، خاصة وأنه في رأس المحللين لم يتغير شيء علي مستوي القضية الفلسطينية إذ إن قوات الاحتلال الاسرائيلي لا تزال تقتل الفلسطينيين وتهدم قراهم ومنازلهم وتذبح الاطفال والنساء والعجائز ولا تفرق بين رجل مسن وطفل عجوز. * أن هناك تحفظات من قبل العاملين في القطاع المصرفي المصري علي التعامل مع البنوك الاسرائيلية، ويظهر هذا التحفظ في رفض إقامة أية علاقات مصرفية بين البنوك المصرية والأخري الاسرائيلية علي أية مستويات. وظهر هذا التحفظ بشكل ملموس خلال مشاركة ممثل لبنك الخصم الاسرائيلي في اجتماع منتدي بنوك حوض البحر المتوسط والتي استضافتها القاهرة قبل أيام، حيث تعرض ممثل البنك الاسرائيلي لحالة عزلة طوال مشاركته في المؤتمر. * أن السلطات النقدية في مصر لا تزال تتحفظ علي إقامة فروع جديدة للبنوك الأجنبية بما فيها الاسرائيلية لأسباب عدة علي رأسها أن السوق لن يقبل مثل هذه الخطوة في الوقت الحالي كما أن هناك تخمة مصرفية في مصر. * أن وجود فرع لبنك إسرائيلي في مصر يحتاج لإجراءات أمنية مشددة جدا تعادل تلك المعمول بها في مدخل السفارة الاسرائيلية بالجيزة وهذا الأمر قد يكون محل نظر من قبل السلطات الأمنية. * وعلي المستوي الاقتصادي فإن البنوك الاسرائيلية لا يمكن أن تغامر بالتواجد في سوق قد لا يحقق لها أية أرباح أو عوائد اقتصادية في ظل توقعات بمقاطعة خدماتها المصرفية، كما أن هذه الفروع في حالة الموافقة عليها من السلطات المختصة في حالة لإجراءات أمنية خاصة وبالطبع فإن هذه الإجراءات ترفع الأعباء الملقاة علي البنك الاسرائيلي ورغم ذلك إلا أن بعض المصادر قد تقلل من أهمية العائد الاقتصادي بالنسبة للبنك الإسرائيلي، حيث يمكن للحكومة الاسرائيلية اقحام بنك حكومي في هذه المهمة الصعبة مع تحمل الخسائر المادية الناجمة عن هذه الخطوة. ويري محللون أن فتح ملف السماح للبنوك الاسرائيلية في مصر يحتاج إلي وقت وتفكير شديدين، إذ إن السلطات المختصة في مصر قد تري أنها مرحلة متقدمة جدا ولا تتفق مع مقتضيات المرحلة المقبلة خاصة وأن العلاقات السياسية المصرية الاسرائيلية لم تصل بعد لحالة الدفء التي كانت عليه عقب توقيع اتفاق أوسلو عام 1991 وحتي فترة مقتل اسحاق رابين رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق وقدوم بنيامين نتنياهو للسلطة. كما أن العلاقات التجارية والاقتصادية بين مصر وإسرائيل قد لا تبرر هذه الخطوة في ظل ضعف هذه العلاقات بل وترديها خلال السنوات الست الماضية. وبالنسبة لمواجهة المتطلبات الناجمة عن توقيع اتفاقية الكويز فإن المستورد المصري الذي يتعامل مع السوق الاسرائيلي يمكن أن يلجأ لبنوك مصرية أو عالمية لتلبية احتياجاته سواء التمويلية أو الخاصة بخطابات الضمان وفتح الاعتمادات. وفي حالة فشل اسرائيل في ايجاد تواجد لها داخل مصر فإنها تراهن في المقابل علي تطبيق مصر لاتفاقية تحرير تجارة الخدمات المالية والمصرفية حيث تحصل البنوك الاسرائيلية في ذلك الوقت علي أية مزايا تمنحها مصر لفروع البنوك الأجنبية الأخري. وكانت إسرائيل قد فشلت في النصف الأول من التسعينيات في دخول السوق المصري، حيث رفض البنك المركزي المصري في ذلك الوقت طلبا لبنك "لومومي" الاسرائيلي لفتح فرع له في مصر. وبعد أن وسعت بنوك القطاع العام التجارية نشاطها في مجال التعامل بالشيكل الاسرائيلي في ذلك الوقت عادت مرة أخري لتقلص النشاط عقب انهيار مباحثات السلام العربية الاسرائيلية سواء علي المسار السوري الاسرائيلي أو علي المسار الفلسطيني الاسرائيلي.