89 مليار جنيه هو حجم الاستثمارات المطلوبة لقطاع النقل كما قدرتها الحكومة في خطتها المستقبلية للبنية الأساسية حتي عام 2017 وحرصت الحكومة في رؤيتها لتنفيذ هذه المشروعات علي أن تواكب الأساليب التمويلية الحديثة التي ترفع عن عاتق القطاع الحكومي هذه المبالغ الضخمة وتحملها للقطاع الخاص والذي يقبل علي تمويلها باعتبارها نشاطاً استثمارياً يحصل علي عائده منه من خلال الرسوم المفروضة علي المستفيدين من إنشاء هذه المشروعات. وتعتبر مشروعات "الطرق الحرة" من أكثر مشروعات النقل التي حرصت الدولة علي عرضها علي القطاع الخاص للاستثمار فيها بنظام المشاركة الكاملة في تمويلها وإعادتها للقطاع الحكومي بعد فترة متفق عليها والمعروف بنظام "B.O.T" إلا أن هذا الفكر لم يلق الإقبال المتوقع من رؤوس أموال القطاع الخاص في التجارب السابقة، وهو ما دفعنا لطرح تساؤل حول مدي استفادة القطاع الحكومي من تعثر التجارب السابقة خاصة أن وزير النقل د. عصام شرف كشف مؤخراً عن مشروعات جديدة للطرق تتكلف إقامتها 4 مليارات جنيه تسعي الحكومة لعرضها علي القطاع الخاص ممثلة في إنشاء 4 طرق محورية جديدة يمولها القطاع الخاص بهذا النظام بالإضافة إلي تحديث 4 طرق قائمة من خلال القطاع الخاص وأكد أيضاً علي أن تدخل القطاع الخاص لن يتوقف عند هذه المشروعات فقط وأن هناك مشروعات جار دراستها الآن ستطبق بنفس النظام مستقبلاً. في البداية يوضح د. فتحي التوني أستاذ اقتصاديات النقل بالمعهد القومي للنقل أن نجاح نظم تمويل B.O.T في مشروعات الطرق في الأساس علي مدي نجاح القطاع الحكومي في طرح مشروعات تحقق عوائد لمستثمري القطاع الخاص تضمن لهم القدرة علي استرداد رؤوس أموالهم المنفقة علي عملية الإنشاء في الأجل القصير وليس الطويل نظراً لضخامة رأسمال هذه المشروعات. وقد كشفت التجارب الدولية الحديثة في هذا المجال كما يقول التوني ان عوائد رسوم الأنشطة الاقتصادية المقدمة علي جانبي الطريق تساهم بشكل كبير في تعويض المستثمر عن رأسماله بشكل أسرع من الأسلوب التقليدي الذي كان يكتفي بعوائد رسوم المركبات المارة علي الطريق فقط. وأضاف فتحي التوني ان تحديد قيمة الرسوم المطلوبة من المنشآت الاقتصادية الواقعة علي جانبي الطريق من أكثر المشروعات التي اهتمت بها التجارب الدولية الناجحة واعتمدت علي أنماط حديثة لتحديد الأثر الإيجابي لهذه الطرق علي هذه المنشآت لتقدير قيمة الرسوم بدقة مشيراً إلي أن من أهم تلك الدراسات: دراسة حول "الأثر الإقليمي" والتي تهتم بإعداد البيانات الإحصائية التي توضح العلاقة بين بعض المتغيرات كمستوي البطالة والمعروض من البنية الأساسية للنقل، وأيضاً "دراسات التوطن للأنشطة الاقتصادية" والتي تهتم بتحديد آثار إنشاء الطرق علي مدي إعادة توطين الأنشطة الاقتصادية من حيث مساهمتها في تسهيل انتقال العمالة إلي هذه المناطق وكذلك أثرها علي تخفيض تكاليف توزيع السلع علي المستوي القومي من خلال تسهيل عملية نقلها وهو ما يساهم بشكل مباشر في تنشيط المصانع المنشأة علي جانبي الطريق. وأكد أن استفادة المستثمرين من هذه القطاعات لم تقتصر علي استعادة جزء من رأسمال إنشاء المشروع فقط ولكن بعض المستثمرين استطاعوا في بعض التجارب الدولية ان يشركوا هذه المنشآت في الإنفاق علي الصيانة الدورية للطرق الواقعة عليها بعد اتمام إنشائها وهو ما ظهر بوضوح في إحدي تجارب إنشاء الطرق بالسويد. التجربة المصرية ويري د. رشاد المتيني أستاذ هندسة الطرق والنقل بهندسة القاهرة ان التجربة المصرية في مشروعات الطرق الحرة العاملة بنظام B.O.T لم تتحقق حتي الآن رغم اهتمام الحكومة في تجاربها السابقة بإتاحة أكبر فرصة للمستثمرين لايجاد العوائد سواء من خلال نظام معني لأن يخصص للمستثمرين نسبة من عوائد القطاع الخاص التي يحصل عليها من المستفيدين من ملاك الأراضي المجاورة للمشروع والتي ارتفعت قيمتها بعد إنشاء الطريق أو من خلال اتاحة الفرصة لرجال الأعمال للاستثمار مباشرة في الأراضي المجاورة للمشروع لضمان سرعة العائد منها، إلا أن جميع المشروعات التي طرحتها الحكومة علي القطاع الخاص منذ عام 1996 حتي الآن لم تنفذ منها أي مشروع إلا مشروع طريق القطامية العين السخنة ولا يعتبره د. رشاد المتيني خرج من عباءة الحكومة حيث إن تنفيذه كان من قبل شركة خاصة تعمل تحت إشراف القوات المسلحة. وتعتبر مشكلة عدم وضوح المميزات الاستثمارية السابقة في خطة المشروع قبل طرحه من أهم الأسباب التي يري المتيني إنها عرقلت نجاح الحكومة في جذب رؤوس أموال القطاع الخاص وعدم تحديد قيمة العائد من الأراضي التي ارتفعت قيمتها قبل إجراءات التعاقد.. وكذلك مميزات الاستثمار علي الأراضي المجاورة للطريق لم يتم تحديد ما إن كان المستثمر سيمتلك هذه الأراضي بسعر رمزي أم سيكتفي بالعائد منها؟