هذه هي السنة السادسة للسحابة السوداء، رغم أنف وزيرين وحكومتين لم تستطيعا قهر السحابة التي تغرق مصر بسمومها ودون أن نجد ترياقاً يحمي شعبنا الصابر من الاختناق وتحجر الرئة.. والغريب أن الإجابة علي السؤال التقليدي: لماذا هذه السحابة أصبحت تقليدية وهي حرق قش الأرز.. ماذا نفعل في قش الأرز هذا الفيروس الذي أصابنا ولا نستطيع قهره؟ واسترشد ببعض البلاد التي تعيش فقط علي إنتاج الأرز: ماذا تفعل هذه الدول لحماية شعبها من قش الأرز؟ ألا تزرع دول وسط وجنوب شرق آسيا الأرز وتستفيد من قشه بدلاً من حرقه وما يترتب عليه من إمراض أطفال وشباب وعواجيز هذا البلد؟! ثم ما هو ذنب السياح الذين يعانون ما يعانونه في فنادق القاهرة ومزاراتها؟ إن الهدف الرئيسي الذي نسعي له في مصر هو تنشيط وتنمية السياحة باعتبار أن مساهمتها جوهرية في التنمية الاقتصادية والتفاهم الدولي والسلام والرفاهية والاحترام العالمي لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، وفي سبيل تحقيق هذه الأهداف لابد من توجيه عناية خاصة للنظافة، فليس من الطبيعي أن يحضر السائح إلينا ليعود إلي بلده بالتهاب شعبي أو تحجر رئوي أو حتي مجرد اختناق بسيط، فالسياحة والبيئة وجهان لعملة واحدة وهما معاً مفتاح التنمية المستدامة. إن وصول السياحة إلي 7 ملايين سائح هذا العام هو أقوي حافز للاهتمام بالبيئة وبنظافة البيئة، ونحن بظروفنا الاقتصادية المعروفة أحوج ما نكون إلي نمو السياحة البيئية، ولا يمكن لهذا الطموح أن يتحقق إلا لو وجدنا حلاً سريعاً لمشكلة السحابة السوداء وتلوث المياه والغذاء، وهو ما يستوجب تضافر وتعاون جميع قطاعات المجتمع وبذل مزيد من الاهتمام بالسياحة البيئية التي تسهم بفعالية في مكافحة الفقر في الدول النامية وتعتبر أداة فعالة لزيادة وعي الجمهور العام بالحاجة إلي حماية المنظومة البيئية. إن امكانات مصر السياحية بدون حدود وأن خيار التنمية المستدامة يعني ببساطة أدراج عملية التنمية السياحية في مفهوم أرحب يضع في الاعتبار الأبعاد الاجتماعية والثقافية والبيئية للعملية التنموية وليس العائد المادي أو الاقتصادي فحسب. واحترام البيئة هو الأساس والمشاريع السياحية التي تقام تعي ذلك جيداً وتدار بالفعل بمفهوم التنمية المستدامة ولذلك تصل إلي الربحية علي المدي المتوسط والطويل اجتماعياً واقتصادياً فضلاً عن أنها الضامن الرئيسي لاستمرارية نشاط السياحة ومن البديهي أن الاستمرار في تجاهل المشاكل البيئية في مصر سوف يؤدي إلي تدهور موارد مصر السياحية وتدهور جاذبيتها كمقصد سياحي عالمي خاصة وأن دراسات منظمة السياحة العالمية تؤكد أن سياحة الطبيعة والسياحة البيئية بشكل خاص من أسرع الأنماط السياحية نمواً من حيث الطلب العالمي. فهل نتعظ؟!