من يحمي حقوق المستوردين والمصدرين المصريين في الخارج؟ هذا هو السؤال الذي حاولنا أن نطرحه من خلال هذا التحقيق فالحديث عن مسئولية حماية حقوق المستوردين والمصدرين مع الأطراف الأجنبية في حالة وقوع أي نزاع بين الطرفين أو تلاعب الطرف الأجنبي بغرض "النصب" علي الطرف المصري يجعل اسم "الحكومة" هو أول الأسماء التي تقفز إلي الذهن بصدد هذه المسئولية باعتبار أن المصدرين والمستوردين هم في الأساس مواطنون مصريون من حقهم أن يتمتعوا بالحماية من حكومتهم، وبالرغم من أن طابع تحرير الأسواق العالمية يفرض علي حكومات العالم تقليل دورها في التدخل في التعاملات الاقتصادية إلا أن أغلب حكومات الدول المتقدمة اقتصادياً استطاعت أن تكفل النظم المؤمنة لتعاملات مصدريها ومستورديها مع الأطراف الأجنبية دون المساس بحرية الأسواق وهو ما دفعنا لطرح هذا التساؤل عن مدي نجاح الحكومة الممثلة للمصدر والمستورد "المصري" في حماية حقوقه في تعاملاته الخارجية. في البداية حاولنا أن نضع أيدينا علي حدود الدور الحكومي في حماية حقوق المصدرين والمستوردين في عملياتهم التجارية مع الطرف الأجنبي وهو ما أوضحه لنا د. أحمد شرف خبير التفاوض وعضو جهاز تسوية المنازعات بمنظمة التجارة العالمية حيث أكد أن الدور الحكومي دائماً يتعلق بالتعاملات التجارية علي المستوي الدولي فالحكومات هي التي تمهد الطريق للمستثمرين في مجال التجارة الخارجية من خلال الاتفاقات التجارية التي تكفل لهم الامتيازات في الإعفاءات الجمركية أو التوسع في نظام الحصص أما الدخول في فض المنازعات مع المصدر أو المستورد الأجنبي فلا يكون إلا عندما يتحول النزاع إلي قضية رأي عام وقتها تتدخل الحكومة للتفاوض مع حكومة الدولة الأجنبية محل النزاع بشكل ودي لإنهاء المشكلة. وعن أسلوب فض النزاع أضاف أشرف أن تحديد الأسلوب والجهة المنوط بها التحكيم في النزاع يعتبر شرطاً أساسياً من شروط العقد المبرم بين الطرفين أثناء عملية الاستيراد أو التصدير ويشير في هذا الصدد إلي أن نسبة كبيرة من المصدرين المصريين يعتبرون أن ترك مهمة صياغة العقد للطرف الأجنبي والذي يشترط بالطبع أن يوكل مهمة التحكيم للجان من بلاده سيمثل ميزة تنافسية لعرضهم التصديري في الوقت الذي يتيح هذا الشرط الفرصة للمستورد الأجنبي للتلاعب في تطبيق الصفقة مطمئناً إلي أنه سيكون في وضع الأقوي أمام هذه اللجنة. الحكومة.. الضامن ارتباط دور الدولة بالأعمال التفاوضية علي مستوي الحكومات لا يرفع عن كاهلها مسئولية حماية المصدر في تفاوضه علي المستوي الشخصي هذا هو ما حاولت أن توضحه نائلة علوبة رئيسة لجنة التصدير بجمعية رجال الأعمال المصريين عندما سألناها عن تقييمها للدور الحكومي في حماية حقوق هذه الفئة حيث تعتبر أن دور الدولة في هذا الصدد يجب يكون دور الضامن للمصدر من أي أخطار تعوق عمليته التصديرية سواء علي مستوي المعوقات الدولية أو حتي من التضرر من قراراتها المحلية ويواجه دور الحكومة المصرية علي المستويين والكلام لعلوبة الكثير من القصور في الأداء فعلي المستوي الدولي تضرب مثالاً بحقوق الكثير من المصدرين المصريين الذين دخلوا في عمليات تصديرية من خلال القطاع العام إلي العراق فهذه معركة تحرير الكويت في بداية التسعينيات ولم يستطعوا أن يستردوا حقوقهم حتي الآن وهو ما يمثل ضربة حقيقية لسمعة المصدر المصري من ناحية ضمان حكومته لتعاملاته الاستثمارية.. فالحكومة اكتفت كما تقول نائلة علوبة بالعمل التفاوضي مع الأممالمتحدة كمحاولة لاسترجاع هذه الحقوق في الوقت الذي عوضت فيه أكثر من حكومة أجنبية كحكومة فرنسا وسويسرا مصدريها الذين واجهوا نفس المشكلة في العراق من ميزانية الدولة. أشارت علوبة إلي أنه علي المستوي المحلي فانه بالرغم من أن المصدر يعاني الكثير من القرارات السلبية المطبقة عليه بأثر رجعي خاصة القرارات الخاصة بدعم الصادرات والتي تؤثر بشكل مباشر علي الثقة في تعاملاته الدولية إلا أن الدولة لم تحقق له نظاماً تحكيمياً يكفل له حقوقه في حال النزاع معها شخصياً بعد هذه القرارات السلبية مشيرة إلي أن اللجان الحكومية لفض النزاع غالباً ما تكون في صف الطرف الحكومي أي تلعب الحكومة دور الضد مع المصدر المصري بدلاً من دور الضامن. وتوضح نائلة أن الدور الحكومي في أكثر من تجربة في الخارج استطاع أن يخرج من عباءة الضامن لتعاملات مصدري بلاده علي المستوي الدولي وأن يتدخل أيضاً في ضمان تعاملات المصدرين الأجانب مع مستوردي هذه البلاد لتحسين سمعة التجارة.. وتدلل علوبة علي ذلك بتجربة ميناء امستردام والذي يشترط فيه أن تصل البضاعة باسم الحكومة الهولندية في الميناء بدلاً من أن تصل باسم الشركات المستوردة حتي يطمئن المصدر إلي أنه يتعامل مع المستورد من خلال الحكومة الهولندية مما يضمن له حقوقه في أية محاولة للتلاعب.