بدا وكأن كل المكاسب التي أحرزها بوش من قبل قد تهاوت وتراجعت بعد ان اكد تقرير رئيس الفريق الامريكي للسلاح في العراق عدم وجود اسلحة دمار شامل وعدم وجود برنامج لانتاجها وبالتالي فتح المجال واسعا لانتقاد بوش الذي لم يعد محصنا ضد النقد بل والاكثر من هذا تعرض التأييد الذي ظفر به بعد كارثة الحادي عشر من سبتمبر الي انتكاسة كبيرة زادت اتساعا مع تصاعد اعمال العنف في العراق. رغم مستنقع الكذب الذي غرق فيه بوش مازال يصر حتي الآن علي ان غزو العراق واحتلاله وتدميره كان مبررا ورغم تقرير "تشارلز دولفير" رئيس فريق المفتشين الامريكيين ممن مكثوا في العراق ستة عشر شهرا واجروا مسحا شاملا من اجل العثور علي اي دليل مادي أو غير مادي يؤكد وجود اسلحة دمار شامل لم يجدوا شيئا يذكر وخرج التقرير ليؤكد بان العراق لم يكن به اي سلاح دمار شامل قبل الغزو وبالتالي فان الواقع علي الأرض في العراق كان مختلفا كلية عن الواقع الذي تم نسجه من قبل بوش وتابعيه في البيت الابيض والبنتاجون وعليه كان من الطبيعي ان ينهار مبرر الحرب ويظهر عدم صحة الاسباب التي سبقت لتبرير الحرب ومن بينها ما قيل عن وجود علاقة بين نظام صدام والقاعدة فقد رأينا رامسفيلد مؤخرا يؤكد انه لا يوجد دليل دامغ علي وجود علاقة بين نظام صدام والقاعدة. ذرائع مغلوطة رغم هذا كله ورغم ما تأكد من ان الذرائع التي فبركتها ادارة بوش كانت مغلوطة وغير حقيقية وان الاسباب كانت ملفقة الا ان بوش استمر يقامر بأكاذيبه وتضليله ويبدو انه استمرأ الخداع والتدليس رأيناه يصر في مناظرته الاولي امام غريمه كيري والتي جرت في الثلاثين من الشهر الماضي علي ان الحرب علي العراق كانت مبررة بل كانت ضرورية الامر الذي اسقط مصداقيته وانعكس عليه بالسلب ويكفي ما قاله رئيس لجنة الانموفيك هانز بليكس في معرض تعقيبه علي ما يحدث الان بعد احتلال العراق وتحوله الي بؤرة من الفوضي وانعدام الأمن قال بليكس "العالم الآن ليس أكثر أمنا" وهو ما يتناقض مع ما قاله بوش من ان العالم الآن بات اكثر أمنا بعد اسقاط نظام صدام. مكابرة بوش تعمد كيري في مناظرته الثانية مع بوش والتي جرت فجر السبت الماضي ان يسفه ما قاله غريمه واعلن ان سياسات بوش جعلت من العالم مكانا اكثر خطرا ولا شك ان جون كيري كان علي حق عندما اتهم بوش بانه يبعث برسائل خاطئة الي المنطقة تفيد بان امريكا تسعي لغزوها بدلا من اقناع العالمين العربي والاسلامي بانه ليس لدي امريكا اي خطط ضد دولهم. غير ان بوش مازال يكابر حتي بعد ان شهد شاهد من اهله وتأكد بان العراق لم يكن يشكل خطرا داهما علي امريكا ولم يكن له اية علاقة بالقاعدة كابر بوش في المناظرة الاولي وكابر في الثانية ولانه استمرأ التضليل سيستمر علي مكابرته في المناظرة الثالثة التي ستعقد بينه وبين كيري خلال ايام قلائل. استراتيجية القوة رغم سقوط الذرائع التي اختلقها بوش فان الرجل لم يخفف من اصراره علي المضي قدما في تنفيذ الاهداف التي احتل العراق من اجلها ولذا رأينا كيف ان القيادات العسكرية الامريكية قد سارعت وحددت ما بين عشرين الي ثلاثين مدينة عراقية كي يتم اخضاعها بالقوة قبل الانتخابات المزمع عقدها في العراق في يناير القادم ويتصدر هذه المدن تلعفر، الفلوجة، سامراء، النجف، الصدر وغيرها.. وهي الاستراتيجية التي تم تطبيقها بالفعل في الفلوجة والصدر وبغداد وكان لها تأثيرها الملموس بدليل ما قيل عن الاتفاق الذي تم بين جيش المهدي والحكومة العراقية المؤقتة والذي سيجري بمقتضاه تسليم اتباع المهدي اسلحتهم بشكل طوعي الجدير بالذكر ان استراتيجية اخضاع المدن العراقية بالقوة العسكرية والعنف قد حصلت علي الموافقة من ادارة بوش وما العمليات العسكرية التي قامت وتقوم بها القوات الامريكية ضد المدن العراقية الا لاعادة الهيمنة علي الوضع ككل كما ان امريكا تزمع ارسال قوات اضافية الي العراق للمساعدة علي السيطرة علي الوضع عشية الانتخابات ولكن من غير المنتظر ان يتم ارسال اهذه القوات قبل عقد الانتخابات الامريكية التي لم يعد امامها الا تسعة عشر يوما لا غير..