في إطار مؤشر تنافسية النمو The Growth Competitiveness Index (GCI) الذي تحدثنا عنه باستفاضة في مثالنا السابق والذي يهدف إلي تحليل وتقييم الوضع المحتمل للاقتصادات العالمية ومحاولة التعرف علي واقع هذه الاقتصادات.. تبرز أمثلة كثيرة للاقتصادات النامية التي حققت تحسنا ملموسا في تنافسية النمو في السنتين 2002م، 2003م، ومن هذه الاقتصادات كل من سنغافورة، وكوريا الجنوبية. وماليزيا، وتايلاند، والأردن، وتونس، والصين. (والتي صنفت ضمن الدول ذات الدخل المتوسط، فيما عدا سنغافورة وكوريا اللتين صنفتا ضمن الدول ذات الدخل المرتفع)، حيث جاء ترتيب تنافسية النمو لها حسب مؤشر ال(GCI) في عام 2003م كالآتي: الترتيب رقم (6) لسنغافورة والترتيب رقم (18) لكوريا، والترتيب رقم (29) لماليزيا، والترتيب رقم (32) لتايلاند، والأردن (34)، وتونس (38) والصين (44)، بعد أن كان ترتيب هذه الاقتصادات (،7 ،25 ،30 ،37 ،44 ،32 38) علي التوالي في عام 2002م وذلك ضمن (102) اقتصاد عالمي شملته القائمة المتضمنة في تقرير الوضع التنافسي العالمي (2003/2004م) The Global Competitiveness (Report (GCR) المشار إليه. ويرجع التحسن في مؤشر تنافسية النمو لاقتصادات كل من سنغافورة، كوريا، ماليزيا، وتايلاند، خلال السنتين 2002 ، 2003م - بشكل أساسي - إلي التحسن الذي تحقق في مؤشر التقدم التكنولوجي، والذي بلغ ترتيبه لسنغافورة الرقم (12) ولكوريا الرقم (6) وماليزيا الرقم (20) وتايلاند الرقم (39) في عام 2003م، بعد أن كان (،17 ،18 ،26 41) علي الترتيب في عام 2002م، وذلك ضمن القائمة المشار إليها بمعني أن عنصر التقدم التكنولوجي كان له تأثير قوي في تحسن مؤشر تنافسية النمو في عام 2003م لهذه الاقتصادات. كما أن مؤشر بيئة الاقتصاد الكلي، والذي بلغ ترتيبه الرقم (1) لسنغافورة (23) لكوريا، (27) لماليزيا، (26) لتايلاند ساهم كثيرا في تحسين مؤشر تنافسية النمو لهذه الاقتصادات الأربعة. اضافة إلي ذلك فقد جاء ترتيب كل من سنغافورة وكوريا ضمن ال(25) دولة التي تقع في صدارة الدول حسب (مؤشر المتوسط السنوي لبراءات الاختراع الممنوحة لكل مليون فرد) وحققت تقدما ملموسا في ترتيب اقتصاداتها حسب هذا المؤشر، حيث جاء ترتيب سنغافورة في الرقم (10) وكوريا في الرقم (14). لقد تفوقت كوريا، حسب مؤشر التقدم التكنولوجي والذي بلغ الرقم (6) علي كل من سويسرا وترتيبها في الرقم (7) والدنمارك وترتيبها رقم (8) وعلي اسرائيل وترتيبها في الرقم (9)، وتفوقت علي الكثير من الاقتصادات الأخري، مثل كندا والنرويج وألمانيا والمملكة المتحدة واقتصادات عديدة أخري. كما تفوقت سنغافورة والتي جاء ترتيبها حسب مؤشر التقدم التكنولوجي والذي بلغ الرقم (12) علي بعض الاقتصادات المتقدمة اقتصاديا والكثير من الاقتصادات الأخري. ويلاحظ أيضا أن كلا من سنغافورة وكوريا، جاءت ضمن مجموعة الاقتصادات التي ركزت بشكل كبير علي جانب التحديث وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات دون الاعتماد كثيرا علي نقل التكنولوجيا بمعني التركيز علي امتلاك التكنولوجيا من خلال التحديث والتطوير الذاتي. بينما ركزت ماليزيا كثيرا علي نقل التكنولوجيا، حيث جاءت في الترتيب الأول رقم (1) بالنسبة لمؤشر نقل التكنولوجيا في القائمة التي تضم ال(102) دولة في نفس الوقت أحرزت تحسنا في عنصري التحديث وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مما نتج عنه تحسن مؤشر التقدم التكنولوجي إلي الترتيب رقم (20) بعد أن كان (26) في عام 2002م، لقد أسهم ذلك في تحقيق تقدم ملموس في ترتيب الاقتصاد الماليزي حسب مؤشر تنافسية النمو إلي الرقم (29)، كما سبقت الاشارة. لقد تفوقت ماليزيا حسب مؤشر التقدم التكنولوجيا علي الاقتصادات عديدة، مثل البرازيل وتايلاند والمكسيك وجنوب أفريقيا وتركيا والفلبين، وعلي اقتصادات عديدة أخري. وتخطط ماليزيا أن يتم - خلال العشر سنوات القادمة - تحويل اقتصادها من اقتصاد قائم علي الانتاج فقط إلي اقتصاد قائم علي المعرفة من خلال التركيز علي تطوير الموارد البشرية وتوفير قوي عاملة تتمتع بمهارات وقدرات عالية في المعرفة، وأيضا التطوير التكنولوجي والتحديث. أما تايلاند، فقد ركزت أيضا علي نقل التكنولوجيا، حيث جاءت في الترتيب رقم (4) حسب مؤشر نقل التكنولوجيا في القائمة المشار إليها، كما حققت تحسنا في عنصري التحديث وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات مما أدي إلي تحقيق تحسن في مؤشر التقدم التكنولوجي إلي الترتيب رقم (39) بعد أن كان (41) في عام 2002م. لقد أسهم ذلك في تحقيق تحسن في ترتيب الاقتصاد التايلاندي حسب مؤشر تنافسية النمو إلي الرقم (32) في عام 2003م، بعد أن كان (37) في عام 2002م.