دقات المسرح السياسي ورجع صداها تسمع هذا المساء في أكبر مدرجات جامعة ميامي عاصمة فلوريدا.. يرفع الستار عن المتنافسين علي احتلال البيت الابيض للسنوات الاربع المقبلة: جورج بوش، عن الحزب الجمهوري.. وجون كيري عن الحزب الديمقراطي.. ووسيط الحوار ومديره الفذ جيم ليرر.. موضوع الحوار كلمة واحدة: الشخصية (Character)! شخصية الرئيس المقبل بكل مكناته وجوانيته.. سوف يتصارع عليها الطرفان صراع الديكة، بامتداد 90 دقيقة.. كل يحاول ان يرسم المعالم الايجابية لشخصيته، وقدرته علي القيادة في الحرب، وصنع الرخاء في السلم، واستراتيجيته للخروج بالأمة الامريكية من حصار الرهب واعاصير حرب الارهاب.. وفي الدقيقة ال 90 سيكون المشاهد الامريكي قد استقي ببصيرته صورة مرسومة بدقة (diFinitive) للرئيس الذي سوف ينتخبه نهار الثلاثاء 2 نوفمبر.. بعد 32 يوما في فم المستقبل! هي مباراة من ثلاث، لكنها الاكثر حسما، فالانطباع الاول مثل الحب الاول.. لايزول! ويقول خبراء الحملات الانتخابية ان الاتهامات الشخصية امر من الصعب اثباته او انكاره.. وان كان في مقدور المشاهد ان يختبرها بحسه خلال المناظرة ويشكل حكمه فيها.. وتؤكد هذا النظر كاثلين هول مديرة مركز انيبيرج للسياسة العامة بجامعة بنسلفانيا.. بكلماتها: "ان هذا السباق الرئاسي، في التحليل النهائي، يطرح سمتين كل سمة في مواجهة الاخري: القدرة علي الحسم (decisiveness) - ضد الصدقية (truthfulness) - والمناظرات في الحقيقة هي اصدق صيغة لعرض مثل هذه السجايا.. وتعريتها ايضا"! ثمة لمحات في المناظرات تعطي المشاهد انطباعا مباشرا له معني.. جورج بوش الاب في احدي مناظراته مع بيل كلينتون في انتخابات 1992، قاطع الجميع بنظرة ملهوفة الي ساعة يده، مما اعطي الناخبين انطباعا مباشرا بانه اقل ارتباطا بهم! يتوقع خبراء الاستراتيجية ان تكون القنبلة التي سيفجرها بوش في وجه كيري اثناء المناظرة هي تغيره المفاجئ في الاتجاه ووجهة النظر (Flip- Flop) خاصة بالنسبة للحرب في العراق.. ويصفون الحل والمهرب: ان يبرز كيري امتلاكه للقدرة الضرورية علي التماسك والرسوخ والثبات في قيادته للوطن، ثم ينقل الحوار مباشرة الي انعدام صدقية بوش ورجاله واحترافهم للكذب السياسي.. يقول جو لوكهارت مستشار جون كيري: "سوف تكون المرة الاولي التي يساءل فيها بوش عن كذبه.. ولن يستطيع ان يتملص من الاتهام، خاصة في وجود جيم ليرر كوسيط للحوار، وهو محاور أريب يمتلك قدرات فائقة علي اعتصار الحقيقة"! ويحذر ادجوياز خبير الانتخابات الجمهوري، كيري من ان يحزم القيادة في اطار التفوق الفكري والعقلي (intellectual superiority) كان يقول: "انا اكثر منه ذكاء.. وسوف اثبت ذلك".. عندئذ - يقول جوياز - سوف يخسر حتما.. وهي - برأيي - نصيحة كاذبة .. لانها تثبت ميزة حقيقية، وليست نقيصة! الانسحاب من العراق! ثلاث قضايا رئيسية سوف تشعل الحوار وتؤجج الاوار بين بوش وكيري سواء في المناظرات او المؤتمرات الانتخابية لكل مهما، من هنا حتي نهار الانتخاب: الارهاب، الحرب في العراق.. والاقتصاد! علي جبهة الارهاب، يسوق كيري حججه واسانيده.. يقول ان بوش ورجاله يعيشون في حالة من احلام اليقظة والتشوش الذهني (Spin) رئيس الحرب يقول في يوم: ان الحرب ضد الارهاب لا يمكن كسبها.. وفي اليوم التالي يقول شيئا مختلفا ومختلقا! وينافسه في التيه العقلي وزير دفاعه رامسفيلد عندما يتساءل بغباء: إني لا ادري سر تزايد العنف في العراق.. وهل يرجع الي ان الارهابيين يتضاعفون بمعدل اكبر ممن نقتل منهم كل يوم ونأسر؟! ورغم كل هذه الاخطاء وسوء التقدير والحساب - يواصل كيري - نجد بوش يقر بمنتهي التخلف انه لا يستطيع ان يفعل شيئا مختلفا.. لكني اجيبه: "إني استطيع"! ثم يفسر قدر استطاعته: "سوف اطبق خيارات متباينة تماما في حربي ضد الارهاب.. تصب جميعها في اولوية واحدة: ان اواجه الارهابيين بكل سبيل ممكن، قبل ان يواجهونا"! ويزيد كيري خطته للحرب ضد الارهاب تفصيلا: "سوف افعل ما لم يفعله الرئيس بوش.. سوف اجفف المنابع المالية للارهاب، خاصة في السعودية وغيرها.. ولسوف اتعاون في ذلك مع البنك الدولي وغيره من المؤسسات المالية حتي اسد الشريان المالي الذي يمد الارهاب بالقدرة علي الحياة". ويضيف كيري: "علينا ان نكسب حرب الافكار في العالم العربي والاسلامي.. حيث 50% من السكان شباب تحت سن ال 25 .. هؤلاء، بالامل وحل القضايا السياسية والاقتصادية لن يفرط احد منهم في حياته بحزام ناسف!". ويواصل كيري مرافعته: "لقد خرج بوش عن النهر الرئيسي للحرب ضد الارهاب باجتياحه للعراق.. حرب العراق جاءت الهاء وتشتيتا (distraction) لجهود الحرب ضد الارهاب".. وقدم كيري من جانبه خطة شاملة لفض الاشتباك في العراق، دون ان تخسر امريكا كرامتها ومصالحها!