بعد فترة ترحال ليست بالطويلة بين التبعية لوزارة الاقتصاد -الملغاة- والتخطيط استقر قطاع التأمين تحت عباءة وزارة تنمية الاستثمار "الجديدة" وبعدها عادت الأسئلة القديمة للظهور في الأوساط الاقتصادية بصفة عامة وبين العاملين في القطاع بصفة خاصة: هل ستنجح شركات التأمين العامة في الاستمرار في البقاء بعيدا عن الخصخصة أو التطوير واعادة الهيكلة؟ هل سيبقي سلاح "حقوق حملة الوثائق" هو المانع الدائم من عدم الاقتراب من هذه الشركات بما في ذلك الشركات المشتركة التي تساهم فيها. وتزداد سخونة هذه الأسئلة مع وجود الفكر الجديد متمثلا في الدكتور محمود محيي الدين الذي يحمل حقيبة الوزارة الجديدة المسئولة عن هذا القطاع باكمله بما فيها الشركات العامة وما سيواجهه من تحديات جسام مع اقتراب موعد تحرير تجارة الخدمات في اطار التزامات مصرفي منظمة التجارة العالمية. و"الأسبوعي" يفتح الملف... في البداية توضح هدي حسين أمين عام الاتحاد المصري للتأمين ان نشاط التأمين ليس بمعزل عن النشاط الاقتصادي للدولة ككل او المتغيرات العالمية واكدت ان قطاع التأمين يحتاج لاعادة هيكلة لتحقيق اهداف محددة مشيرة الي ضرورة اسناد هذه المهمة لشركات متخصصة تضع مفاهيم جديدة والتوصيات والمقترحات الملائمة سواء من الناحية الإدارية او من ناحية الكفاءات المتاحة او المطلوبة. وتشير الي ان الخصخصة ليست هدفا في حد ذاتها ولكنها احدي آليات إعادة الهيكلة للقطاع وتقول انه بدون شك فان هناك مشكلات تاريخية صاحبت وجود القطاع العام في صناعة التأمين وصفتها بانها مزمنة ويحتاج حلها الي وقت ودراسة. ونصحت هدي حسين بالعمل علي دراسة وسائل زيادة جاذبية قطاع التأمين امام المستثمرين حتي تنجح عملية خصخصته وطالبت بالمزيد من الاصلاحات التشريعية للسماح بدخول شركات الوساطة التأمينية بمعايير وضوابط محددة تضمن سلامة الممارسات وتقوم بدور في اجتذاب شريحة جديدة من العملاء مما يزيد من اقساط التأمين وبالتالي من مساهمة قطاع التأمين في انعاش النشاط الاقتصادي. وضع غريب ويضيف الدكتور فائق حنا رئيس قطاع الخبرة الاكتوارية السابق بالهيئة العامة للرقابة علي التأمين والمدير العام بشركة الأهلي سوسيتيه جنرال لتأمينات الحياة NSGB أن صناعة التأمين تعتبر من النشاطات التجارية مشيرا الي انه لا توجد دولة في العالم تأخذ بنظام الاقتصاد الحر ولديها شركات تأمين تتبع القطاع العام ويؤكد علي ضرورة خصخصة جميع الانشطة غير السيادية والتي تنتمي الي قطاع التأمين يتساءل د. فائق هل تتم محاسبة رؤساء شركات التأمين العامة علي ادائهم بصورة فعالة؟ وماذا قدمت شركات التأمين العامة لصناعة التأمين مقارنة بشركة القطاع الخاص التي قدمت اسلوبا جديدا للخدمة التأمينية وخدمات تأمينية مستحدثة وادخلت شرائح جديدة للتأمين وهل ستتم محاسبة رؤساء هذه الشركات عن مستوي ادائهم؟ ويحذر من اقتراب وقت تطبيق اتفاقية الجات في صناعة التأمين عام 2005 بما تحمله من منافسة شرسة من شركات التأمين الاجنبية مما سيؤدي الي تفاقم الموقف الضعيف للشركات العامة. التوقيت المناسب ويؤكد د. حنا ان اختيار الوقت المناسب للخصخصة عنصر حاكم لتحقيق الاستفادة منها ويقول ان كل يوم تتأخر فيه الخصخصة يقلل من فرص شركات القطاع العام في اجتذاب مستثمرين باسعار معقولة ويوضح ان فرص الخصخصة لشركات التأمين منذ نحو أربع سنوات كانت افضل منها الآن نظرا لانخفاض قيمة هذه الشركات مع ارتفاع سعر الدولار من حوالي 425 قرشا الي نحو 625 قرشا خلال تلك الفترة. وعن أهم عوائق البدء في عملية خصخصة شركات التأمين يوضح د. فائق ان عدم تحقيق معدل مناسب من النمو اقتصادي بما يسمح بدخول شركات تأمين جديدة بصورة لا تؤثر علي الشركات العاملة بالسوق يعد من اهم العناصر التي تعوق الخصخصة وبالاضافة الي وجود القيود علي استثمار الاجانب في شركات التأمين العامة وقصر السماح لهم علي شركات التأمين علي الحياة فقط عائقا آخر. كما تشمل المعوقات ايضا تكبيل الشركات الحكومية بالعمالة الزائدة وهو ما يعوق قدرتها علي تطوير ادائها مشيرا الي ان عدد العمالة في شركات التأمين العامة يصل لعشرة اضعاف الشركات الخاصة وبافتراض ان مستوي الاجور في القطاع الخاص التأميني يصل لخمسة اضعاف مستواه في القطاع العام سنجد ان بند الاجور مازال اقل بكثير في الشركات الخاصة في حين ان الاداء أعلي وأكثر كفاءة. ويدعو د. فائق الي قيام الدولة بدراسة مصير العمالة في الشركات التي تنوي خصخصتها حتي لا ينضموا لطابور البطالة.