نشرت جريدة "العالم اليوم" موضوعاً عن زيارة وزيري "الاستثمار" و"التجارة الخارجية والصناعة" إلي قنا ومصانع شركة السكر وقالت: انتقد وزيرا الاستثمار والتجارة الخارجية والصناعة البيروقراطية والتعقيدات الروتينية وعدم وضوح السياسة الصناعية وتضارب القوانين مما أدي إلي عرقلة برنامج الخصخصة وإحجام أصحاب رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية من القدوم للاستثمار في مصر بالحجم الذي تستحقه والذي يحقق طموحنا. وأرجع وزير التجارة الخارجية والصناعة إحجام القطاع الخاص عن الدخول في استثمارات لإنتاج سلع استراتيجية من بينها السكر يؤكد عدم وضوح سياسات الدولة فيما يخص استراتيجياتها المستقبلية لإنتاج هذه السلعة. وفي نفس الموضوع طالب رئيس الشركة القابضة وزير الاستثمار بدعوة رؤوس أموال خارجية للمساهمة في إنشاء مصنع بالنوبارية تكلفته الاستثمارية 750 مليون جنيه تم تدبير 350 مليون جنيه فقط منها. وكشف عن مفاوضات تجري حالياً مع شركات عالمية مثل نوبل وكارجيل للمساهمة في رؤوس أموال المصنع الجديد الذي تعتزم شركة السكر والصناعات المتكاملة إقامته أو للدخول في مساهمات لزيادة الطاقة الإنتاجية للمصانع القائمة. الغريب أنه في نفس الموضوع المكتوب عن زيارة الوزيرين تكتب عن نجاح شركة السكر في عقد صفقات تصنيع وتركيب 5 مصانع لإنتاج السكر في إيران بطاقة 50 ألف طن سنوياً بعد الفوز بمناقصة مفتوحة شاركت فيها 8 شركات عالمية وبلغت قيمة الصفقة 150 مليون دولار أي حوالي 1000 مليون جنيه ومن المتوقع أن يتم تشغيل بعضها في أكتوبر 2004 بمعدات تم تصنيعها في مصر. كما تم الفوز بمناقصة لإنشاء مصنع إنتاج سكر البنجر بسوريا بطاقة إنتاجية 600 طن يومياً وباستثمارات بلغت قيمتها 72 مليون دولار أي حوالي 450 مليوناً. والسؤال: ما الحاجة لاستقدام شركات السكر العالمية لدخول السوق المصري؟ لعل أول إجابة هي الاحتياج لرأس المال للاستثمار فهل هذا يعبر عن واقع الحال في الوقت الذي تشكو فيه البنوك المصرية من توافر أرصدة تحجم عن إقراضها للمشاريع الاستثمارية بل أصبحت تبحث عن الإقراض لشراء السلع الاستهلاكية المعمرة بالتقسيط أو الاستثمار العقاري. وهل سوف تحضر هذه الشركات رؤوس أموال من الخارج أم سوف تقترض استثماراتها من البنوك المصرية كما فعلت بعض هذه الشركات الاستثمارية الأجنبية. بالطبع في صناعة السكر مع نشاط شركة السكر في كسب مناقصات إنشاء المصانع في الخارج لا محل لنقل التكنولوجيا. هل نحن في سبيل إعادة تجربة بيع مصانع الأسمنت التي استحوذ فيها رأس المال الأجنبي علي 40% من السوق المحلي وما تلا ذلك من التواطؤات الاحتكارية والتلاعب في سعر الأسمنت اعتقد أن السكر سلعة استهلاكية لا تتحمل هذا العبث. ولعلنا يجب أن نتساءل في إطار سياسة التصنيع غير الموجودة أصلاً ما جدوي استقدام رأسمال أجنبي؟ أما عن سياسات رأس المال الأجنبي فهي ليست متوجهة لزيادة القدرات الإنتاجية في مصر ولعل ما تم في شركة المراجل البخارية وهي أول شركة تمت خصخصتها ثم بيع معداتها بالمزاد العلني ما يوضح توجهات هذه الاستثمارات. الاستثمارات الأجنبية لا تهدف في الأغلب الأعم إلا للاستحواذ علي السوق المحلي دون إضافة قدرات إنتاجية جديدة خاصة ترفع من كفاءة الاقتصاد المصري سواء في مجال معدات الإنتاج أو الصناعات ذات المحتوي العالي من التكنولوجيا إلا صناعات ربط المفك التي تستهدف تجهيز الإنتاج المستورد مفكوكاً للتسويق في السوق المحلي. قبل الكلام عن إزالة المعوقات للاستثمار الأجنبي يجب أن تكون لدينا أولاً سياسة تصنيع ترتكز علي الحفاظ علي القدرات الإنتاجية المتوافرة حالياً.