ليس عيبا ان نستفيد من تجربة البرازيل الاقتصادية، أو التعلم من المعجزة البرازيلية في انتشال اقتصاد دولة غارق في الديون، ومعدل فقر متزايد كل يوم، وفساد مستشري، ومعدل نمو اقتصادي بطيء للغاية، ونزيف مستمر في الاحتياطي النقدي بالعملة الصعبة، وهي نفس الظروف التي كان ومازال الاقتصادي المصري يمر بها. فقد فاتنا ان نستفيد من تجربة النمور الاقتصادية الأسيوية، وفشلنا بسبب الفساد والاستبداد في تحويل مصر إلي ?نمر علي النيل?، وأيضا بسبب الغباء السياسي والاقتصادي والبيروقراطية الإدارية، لم نستفد بالتجربة الماليزية، والتي بسبب ?نهضة? مهاتير محمد الاقتصادية ?الحقيقة?، تحولت ماليزيا الفقيرة والتي تتشابه مع مصر في أوجه كثيرة في الموارد وحتي العقيدة، إلي دولة ?إسلامية? متقدمة اقتصاديا، بسبب حسن تعبئة واستخدام تلك الموارد والاهتمام بالتعليم والتكنولوجيا وزيادة الإنتاج، ومحاربة الفساد، وترشيد النفقات، والانفتاح المنضبط علي العالم والتسامح والتعيش وقبول الآخر. وليس امامنا الآن سوي الاستفادة من التجربة الاقتصادية البرازيلية، وأيضا استخلاص الدروس المستفادة من التجارب الآسيوية والماليزية والتركية، وحتي الهندية. زيارة الرئيس مرسي إلي البرازيل كان الغرض منها هي نقل التجربة الاقتصادية البرازيلية إلي مصر، خاصة فيما يتعلق بمحاربة الفقر ومكافحة الفساد وجذب الاستثمارات، وتنشيط الصادرات، وفتح اسواقا جديدة للمنتجات المحلية، وحسن استخدام الموارد وترشيدها والابتعاد قدر الامكان عن الاستدانة والقروض الخارجية، والاستفادة من خبرة الرئيس البرازيلي السابق لولا دي سيلفا في الجمع بين التعاون مع مؤسسات التمويل الدولية وبين جذب الاستثمارات الأجنبية وتفعيل موارد التمويل المحلية وانتشال 20% من البرازيليين من براثن الفقر. وقد عقد الرئيسان محمد مرسي ونظيرته البرازيلية ديلما روسيف أثناء زيارته بمقر القصر الرئاسي قمة مشتركة تعد تاريخية كونها أول زيارة لرئيس مصري. وبحث الجانبان خلال القمة العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها والعمل علي جذب الاستثمارات البرازيلية إلي مصر ودفع التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والارتقاء بالعلاقات بين البلدين في مختلف المجالات. وعقب المباحثات شهد محمد مرسي ورئيسة البرازيل التوقيع علي عدة اتفاقيات ومذكرات تفاهم بين مصر والبرازيل في العديد من المجالات وشملت مذكرات التفاهم مجالات التنمية الزراعية والتعاون الفني في مجال الحجر الزراعي، كما تم توقيع مذكرة تفاهم في مجال الصحة والتوقيع علي اتفاقية تعاون بين مكتبة الإسكندرية والمكتبة الوطنية البرازيلية وأخري في مجال التنمية الاجتماعية. وأهمية الزيارة التي قام بها الرئيس مرسي للبرازيل تأتي في كونها دولة عضوا في تجمع البريكس الذي يحظي بأهمية متزايدة ومصر تمتلك ما يؤهلها لأن تصبح عضوا في مثل تلك التجمعات الاقتصادية المهمة والتي نتوقع ان يكون لها مستقبل كبير. وطلب مرسي خلال لقائه مع الجالية المصرية، والتي يصل إلي ألف مواطن مصري، علي ضرورة تبادل الخبرات بين البلدين، وذلك. بطمأنة المستثمرين البرازيليين الذين يتطلعون للاستثمار في مصر، كما وعد الدكتور مرسي بإنشاء خط طيران مباشر بين البلدين لتسهيل حركة التجارة بين القاهرة ومدينة ساوبولو، لتشجيع الحركة التجارية والاستثمارية بين مصر والبرازيل. وكانت تهدف إلي زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين الذي يبلغ حاليا 3 مليار ات دولار، وجذب المزيد من الاستثمارات البرازيلية إلي مصر، ورفع مستوي الصادرات المصرية للأسواق البرازيلية خاصة وأن الميزان التجاري يميل لصالح البرازيل بسبب استيراد اللحوم والدواجن والحديد. كما زار مرسي الي مركز البحوث الزراعية الدولية الذي وضع البرازيل في مصاف أقوي الدول إنتاجا، بعد ان التقي أيضا بالمسئولين عن برامج التنمية الاجتماعية بهدف تطبيق هذه البرامج الزراعية في مصر وبحث كيفية الاستفادة منها. وكانت هناك زيارة شخصية وبعيدة عن البروتوكول، حيث قام الرئيس مرسي، بزيارة رئيس البرازيل السابق ?وصاحب نهضتها? لولا ديسيلفا وذلك للتعرف والاستفادة من خبرة ?لولا? في إنعاش الاقتصاد، ومحاربة الفقر، ومكافحة الفساد والقضاء علي العشوائيات. وللحديث بقية حمدي البصير [email protected]