رغم تحسن مؤشرات الاستثمار الأجنبي المباشر خلال الفترة الماضية بنسبة بسيطة إلا أن مصر تحتاج طبقا للخبراء إلي مزيد من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر من أجل تحفيز النمو الاقتصادي، وإيجاد مزيد من فرص العمل، وتقليص الفقر، بالإضافة الي الحاجة الماسة للأساليب التكنولوجية الحديثة. ويري الخبراء أن المشهد السياسي المضطرب يجعل المستثمر الاجنبي في حالة عدم اليقين بل قد تجعله يتوقف عن مجرد التفكير لدخول مصر بسبب كثرة احكام فسخ العقود والتخبط في القرارات مطالبين بسرعة العمل علي تشجيع الاستثمارات كثيفة العمالة وليست كثيفة رأس المال.. وإعطاء أولوية للمناطق المحرومة من التنمية، ومساندة البنوك الوطنية للأعمال والمشروعات المحلية في مصر.. وللوقوف علي معرفة المزيد من متطلبات الاستثمار وكيفية إزالة عقباته، استطلعت ?وطني نت? رأي خبراء الاقتصاد والممارسين. وطبقا لأحدث بيانات وزارة الاستثمار فإن الاستثمار الاجنبي المباشر بلغ 2.1 مليار دولار خلال العام المالي 2012-2011 مقارنة بنحو 2.2 مليار دولار خلال العام المالي 2011-2010 وكان صافي الاستثمار في 2010- 2009 قد بلغ 8.6 مليار دولار في الوقت الذي سجل أعلي معدل استثمار في عام 7 200 - 2008 بعد ان بلغ 13.2 مليار دولار . تراجع معدل خروج الاستثمارات الأجنبية من مصر خلال الربع الأول من العام المالي الحالي 2012 2013 بنسبة 23% ليصل اجمالي الاستثمارات التي خرجت من السوق المصرية خلال هذه الفترة إلي 2.14 مليار دولار مقابل 2.78 مليار دولار في الربع الرابع من العام المالي السابق. وأشار البنك المركزي المصري في تقرير له إلي تراجع صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال الربع الأول من العام المالي الحالي بنحو 94.1% بمقدار 1.752 مليار دولار ليبلغ 108 ملايين دولار مقابل 1.8 مليار دولار في الربع الأخير من العام المالي السابق. وبين التقرير أن حجم الاستثمارات الأجنبية التي دخلت مصر خلال الربع الأول من العام المالي الحالي بلغت نحو 2.255 مليار دولار مقابل خروج استثمارات بنحو 2.14 مليار دولار. وكانت تصريحات قد نسبت لأسام صالح وزير الاستثمار الشهرالماضي أن الحكومة تسعي لحل مشكلات عقود جميع المستثمرين وتسوية النزاعات القانونية، وأكد إنهاء 8 حالات نزاع مع مستثمرين واستردت مصر نحو 3 مليارات جنيه، كما سيتم العمل علي إنشاء لجان تسوية للمنازعات مع المستثمرين ويتم التفاوض معهم بصورة ودية. طالب الدكتور محمود حسين الخبير الاقتصادي والمالي بالاهتمام بالخرطة الاستثمارية في مصر من خلال توطين استثمارات محلية كثيفة العمل وليست كثيفة الاستثمار مع الوضع في الاعتبار مسألة إعطاء أولوية للمناطق الأكثر فقراً وبطالة، وبحيث تمول من مدخرات المصريين في الداخل والخارج.. قائلاً : إنه لا يبني مصر إلا المصريين، ومن ثم تعرض هذه المشروعات للاكتتاب العام، بحيث يشارك فيها رجال الأعمال والبنوك وشركات التأمين.. مؤكدا أن مصر تحتاج إلي مشاريع عملاقة تمتص أكبر عدد ممكن من الطاقات البشرية المعطلة، وبالتالي لو تم تنفيذ هذه الأفكار وتحويلها إلي سياسات من قبل الحكومة المصرية سوف تحقق نتائج هائلة . واكد الدكتور ايهاب الدسوقي، استاذ الاقتصاد ومدير مركز البحوث بأكاديمية السادات، ان التسهيلات الاستثمارية ليست مطلوبة الآن ولكننا بحاجة الي تحسين حقيقي لمناخ الاستثمار وإزالة العوائق والبيروقراطية. وطالب الدسوقي، بسرعة عمل الاجراءات الخاصة بالاستثمار وانشاء شركات ومصانع من خلال اخطار الحكومة وليس بموافقة كتابية منها، بشرط الالتزام بالشروط التي حددتها الحكومة. واكد الدكتور عبدالرحمن جاب الله أستاذ الاقتصاد بجامعة حلوان أن حالة الارتباك والتخبط في الشارع السياسي ارهبت الاستثمار الاجنبي المباشر مطالبا بضرورة اتخاذ قرارات مدروسة بشكل جيد، وعدم التراجع السريع في قراراتها، وأن يكون لديها رؤية وخطة واضحة للجانب الاقتصادي، وبخاصة الجوانب المتعلقة برعاية الفقراء الذين قامت الثورة من أجلهم. اضاف ان من هم معوقات الاستثمار الافتقار الي حرفية الترويج للاستثمار الأجنبي المباشر داخل مصر وخاصة في ظل المنافسة العالمية الكبيرة لجذب هذه الاستثمارات وكذلك عدم وجود خريطة استثمارية للمناطق الجغرافية الواعدة والجاذبة للاستثمار واتباع سياسات غير مرنة وفعالة في التعامل مع المستثمر لجذب المزيد من الاستثمارات. أكد ان من اهم المعوقات البيروقراطية والعراقيل التي تواجه عملية الاستثمار بشكل عام والأجنبي منه بشكل خاص اضافة الي نقص العمالة الماهرة والمدربة اللازمة لمشروعات الاستثمار الأجنبي. طالب بضرورة استعادة الأمن كاملاً في المجتمع كخطوة أساسية لاجتذاب الاستثمارات، ثم العمل علي إزالة أسباب تخوف المستثمرين ومنها مُراجعة الأحكام الصادرة بشأن الشركات التي تم خصخصتها، وكذلك العمل علي نشر التشريعات والقوانين المتعلقة بالاستثمار، مع تغيير بعض السياسات الاقتصادية والمالية والاستعانة بأهل الخبرة بدلاً من أهل الثقة كما كان يحدث في السنوات السابقة، خاصة في المؤسسات والهيئات العامة، ومن ثم العمل علي نشر هذه السياسات الجديدة بشكل واضح، وبما يطمئن المستثمرين الأجانب والعرب، وبما يؤكد أيضاً أن القيادات المُساندة للاقتصاد والاستثمار في مصر من أهل الخبرة وليسوا من الهواة .