مش من حقي أحلم.. هكذا أجاب الطفل عمر بائع البطاطا الذي سبقت كلماته سنه عندما سئل عما يحلم به، فالحلم كان مجرد كلمة ليس لها محل من الاعراب في قاموس حياته الذي اقتصر علي كلمات البؤس، الشقاء، الهوان وللأسف كل ذلك يحدث في مصر الثورة التي نادت ثورتها بالعدالة الانسانية أي عدالة في وطن يقتل صغاره وتدهس أحلامهم برصاصة غادرة، أي إنسانية عندما تلقي جثة طفل في أطراف الميدان بدلا من دفنه وكأن الهوان كتب علي هذا الطفل حيا وميتا في جنازة عمر الرمزية التي شيعت من ميدان التحرير شارك أصدقاء هذا الطفل من الباعة في الجنازة وهم يجرون عربات الترمس، وكأنهم يعلنون أن هناك عشرات من عمر بلا حلم وينتظرهم المجهول في فيلم ?حين ميسرة? تناول المخرج خالد يوسف ظاهرة أطفال الشوارع ومدي قسوة المجتمع عليهم، أطفال بلا مأوي بلا غذاء بلا أمان بلا إنسانية يتلقفهم الشارع ويلفظهم الناس وكأنهم شئ منفر أو قبيح مع أن القبح يتجسد ببراعة في هذا الوطن الذي لا يتعامل بآدمية مع أطفاله. عمر بائع البطاطا الذي قتل برصاصة غادرة من احد الجنود ربما ليس الأول ولن يكون الاخير، فشلال الدم هادر والمصري اصبح بلا ثمن واذا اضطر النظام لوضع تسعيرة له لن تخرج عن بضعة جنيهات تدفع كتعويض لإسكات أسرة المتوفي وربما معايرة الشعب بها. كلنا فاسدون لا استثني احدا.. هكذا صرخ أحمد زكي في فيلم ضد الحكومة في احد أروع مشاهد السينما المصرية، صرخ زكي لأنه رفض تنصل النظام من مسئولياته في حوادث القتل والإهمال، وصرخ لأنه رفض تقديم كبش فداء من المسئولين الصغار لحماية الكبار في النظام. أصر أحمد زكي علي الوقوف في وجه الحكومة مطالبا بمحاكمتها باصرار وثبات رغم بطش النظام به، اعتقلوه ضربوه سحلوه هددوه لكنه أبي التراجع ظل مؤمنا بما يفعله، أدرك ان الحق يقويه وأن التراجع ليس سوي هزيمة، فانتصر علي النظام الفاسد وأسقط هيبته في أحد الأيام تم العثور علي جثة طفل في ميدان التحرير يدعي عمر بائع البطاطا مقتولا بالرصاص، وبعدها بساعات تم الاعلان عن تعيين عمر ابن الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية خريج دفعة 2012 بمرتب يتجاوز ال30 ألف جنيه. عمر بائع البطاطا لم يكن يحلم في اليوم أن يبيع باكثر من 30 جنيهاً رغم أن الهموم تكاد تكسر ظهره أكثر من عربة البطاطا التي تهزم جسده النحيل كلما هم بدفعها باحثا عن بضعة جنيهات منذ شروق الشمس وحتي ظلام الليل هذا عمر طفل ذنبه أن والده ليس رئيس جمهورية وربما ذنبه أن رئيس الجمهورية في بلاده يتحدث يستشهد بمواقف عمر بن الخطاب والبغلة التي إذا عثرت في العراق سئل عنها عمر لماذا لم يمهد لها الطريق، بينما الدكتور مرسي يقتل أحد الأطفال بالرصاص وتلقي جثته في الميدان دون أن يسأل أو يسئل بينما عمر محمد مرسي الذي لا يحمل مؤهلات سوي أنه ابن الرئيس يعين في وظيفة بالقابضة للمطارات بمرتب يتجاوز ال30 ألف جنيه في فيلم ?حين ميسرة? ظل الوطن يغلي كالبركان والنظام لا يأبه بثورته لا يراهم ولا يدرك غضبهم لا يشعر من الأساس بوجودهم حتي انفجروا فجأة فاحترق كل شئ ولم يكن هناك وقت لإطفاء النار في مصر لا جديد، فالدم اصبح عادة والعثور علي الجثث في أي مكان لم يعد مستغربا، وكل يوم قبل أن يتبادل الناس الخير في صباحهم أو تحيتهم أصبحوا يتممون علي بعضهم ليطمئنوا علي عدم غياب احدهم بينما عيونهم تلمع بدموع سجينة متجمدة متسائلة هل قتل النظام احدهم؟!