هناك فرق بين أن تعارض الرئيس أو الحكومة وتتظاهر سلميا ضد النظام الحاكم وهذا حق للجميع وبين أن تعمل علي هدم واسقاط الدولة وتقديم غطاء سياسي أو إعلامي للمجرمين الذين يعيثون في الارض فسادا وحرقا وتدميرا وترويعا للآمنين . التظاهر السلمي والاعتراض علي الرئيس والحكومة والسعي لازاحة الرئيس وحكومته عن السلطة بالطريقة الديمقراطية ومن خلال صندوق الانتخابات حق مشروع، وتنظيم المظاهرات السلمية للاعتراض علي سياسات لا تعجبنا والضغط علي السلطة الحاكمة للتراجع عن قرارات او تعديل سياسات خاطئة حق مشروع، اما ارتكاب العنف واستخدام المولوتوف والخرطوش وقطع الطرق والسكك الحديدية واقتحام الاقسام وحرق المؤسسات العامة والخاصة وترويع المواطنين علي الطرق وداخل مترو الانفاق والاصرار علي هدم مؤسسات الدولة خاصة جهاز الشرطة، فان ذلك كله لا يمت بصلة لا لحق الاحتجاج السلمي ولا للثورة، بل علي العكس فهذه الافعال الاجرامية تسيء الي الثورة السلمية وتتناقض معها وتمثل انقضاضا عليها . ولا اعتقد ان اي مواطن لديه ذرة حب واخلاص لبلده، بل لا اعتقد ان اي انسان سوي، يمكن ان يقبل او يشجع هذه الاعمال الاجرامية التي لا بديل من التعامل معها ومن يشجعونها عن القانون كوسيلة لردع هؤلاء وتقديمهم للمحاكمة للقصاص منهم علي ما ارتكبوه في حق المجتمع من جرائم . ان ظهور وانتشار ما يسمي بمجموعات البلاك بلوك الملثمين واستخدامهم العنف والحرق والتدمير طريقا لهم، يمثل تهديدا ليس لنظام الحكم فقط، بل للشعب المصري كله، بما في ذلك من يحرض ومن يشجع ويروج لهؤلاء، ويحاول تقديمهم علي انهم ثوار، وهم يظنون ان عنف هؤلاء لن يطالهم ولن يكتوون بناره اذا استمرت وتصاعدت هذه الظاهرةالخطيرة . للأسف بعض السياسيين، وبعض القوي السياسية، لا تتورع في سبيل ازاحة النظام الذي تعترض عليه عن توظيف اي وسيلة حتي لو كانت جماعات مجهولة ملثمة مخيفة تهدد المجتمع كله، ان هؤلاء يعملون بمبدأ هدم المعبد علي ما فيه ومن فيه . والغريب ان هؤلاء يعلنون في تصريحاتهم العلنية تمسكهم بسلمية التظاهر، لكنهم لا يدينون بشكل صريح ولا يتبرأون من هذه الجماعات الارهابية التي تهدد المجتمع كله، وحتي لو كان البعض لا يدعم بشكل صريح هؤلاء الارهابيين، فانهم باصرارهم علي الشحن المستمر والدعوة لنزول الناس للشارع يوفرون الغطاء السياسي لهم، وكان الاولي بعد ان تبين ان مصر كلها في خطر الوقوع في قبضة البلطجة والارهاب ان يعلقوا ولو لمدة اسبوعين فقط المظاهرات حتي ينكشف هؤلاء المجرمين الذين يستغلون مناخ التظاهر للتدمير والحرق والترويع. وامتد الأمر الي حد افساح المجال لهؤلاء للظهور علي شاشات الفضائيات ونبرير جرائمهم دون الاقصاح عن وجوههم ولا بياناتهم، وهذه سقطة اعلامية ومهنية، علاوة علي ما تمثله من خطورة علي المجتمع كله . مرة اخري لست ضد المظاهرات السلمية ضد الرئيس ونظامه بهدف الضغط عليه للعدول عن اي سياسات خاطئة، ولست ضد محاولة الاحزاب والقوي السياسية للوصول للحكم عبر الطرق المشروعة، فهذا حقها، وهذه هي الديمقراطية، ولا يمكن ابدا العودة لعصر تقديس الحاكم او تحصينه ضد النقد والاعتراض، لكن هذا لا علاقة له ابدا بتشجيع الاجرام وتقديم الغطاء السياسي والاعلامي للمجرمين، فهذا لا علاقة له بالسياسة ولا حرية الاعلام، وسيكتوي هؤلاء بنار المجرمين، وسيكون حسابهم عسيرا امام الشعب .