* د.حسام عيسى: ضيعنا بأيدينا هذا الملف المهم حين حوصرت المحكمة الدستورية * د.محمد محسوب: هذا الملف مازال يعانى من تقصير رسمي . * المستشار عادل عبد الباقى: عودة الأموال مرهونة بالتخطيط الجيد من الحكومة المصرية، عن طريق الطرق السياسية والدبلوماسية . * السفير جمال بيومى: من الضرورى أن يتم دراسة قوانين تلك الدول وإجراءاتها، قبل اللجوء للمحاكم يؤكد خبراء القانون إن البحث والجهود المصرية المبذولة من أجل استعادة الأموال المهربة إلى الخارج، مازالت تجرى على قدم وساق، لكن النتيجة المؤكدة حتى الآن هي أن هذه الأموال لم تعد بعد، وذلك بعد نحو عامين من الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك ورموز حكمه، مما ترك المصريين وسط حالة متباينة من الاحباط واليأس لدى البعض من إمكانية استعادة الأموال، والتفاؤل لدى آخرين يدركون أن المهمة بطبيعتها وصعوبتها لا يمكن إنجازها في فترة قصيرة، ويشير الخبراء إلى إن ما يزيد من صعوبة هذا الملف ووطأته على المصريين أنهم عاشوا حلم استعادة الأموال التي هربها المفسدون إلى الخارج، والتي قدرها البعض بعشرات المليارات من الدولارات، ووصل الأمر إلى أن بعض البسطاء كان يتخيل أنه بات قاب قوسين أو أدنى من تسلم حصته من هذه الأموال بعد استعادتها من البنوك الأجنبية التى أودعت بها هذه الأموال، ويتردد أن الدولة قامت باستعادة بعض تلك الأموال من الخارج، فهل هذا صحيح أم درب من الخيال... العالم اليوم تناول فى هذا التحقيق حقيقة هذا الملف وما يدور فيه من خبايا. بداية يقول الدكتور حسام عيسى أستاذ القانون ورئيس المجموعة المصرية لاسترداد الأموال من الخارج، أنه بداية لا يسمع عن عودة تلك الملايين من الدولارات لمصر سواء من جينيف أو غيرها من الدول الأ جنبية، موضحاً إن مصر ضيعت بأيدها هذا الملف المهم، حينما قام بعض الأفراد غير الوطنيين بمحاصرة مبنى المحكمة الدستورية، والتى تعتبر أعلى سلطة قضائية مستقلة فى البلاد، واصفاً أن هذا العمل يعتبر حماقة كبرى أثرت وستؤثر فى المستقبل على عودة الأموال المهربة بالخارج، وأيضاً على الهاربين بتلك الأموال. ويوضح عيسى إن الدول الأجنبية لا تعترف إلا بالقضايا التي تتم بشكل قانوني جاد، وبإجراءات قانونية ليس بها أى تعسف أو تعد أو ضغط على المتهمين أو المقرات التي تتم فيها المحاكمات لافتاً إلى أن الحكومة الأسبانية أعلنت صراحة عقب محاصرة المحكمة الدستورية، انها لا تسلم حسين سالم لمصر، إلى جانب عدم الاعتراف بالأحكام التي تصدر من مصر بهذه الطريقة موضحاً ان ما حدث سيسيء لنا جميعاً ويطالب الدكتور عيسى بضرورة إجراء المحاكمات بإجراءات قانونية سليمة، إذا ما أردنا عودة تلك الأموال، لأن تلك البنوك الأجنبية لن تخضع لأى تأثير من أى دولة ولا رئيسها . مشيراً إلى أن مصر تأخرت كثيرا وأصبحت المهمة شديدة الصعوبة، محملا المسؤولية للسلطة الحالية لتقاعسها عن تشكيل لجنة عليا تتولى هذا الملف وتنسق الجهود المبذولة فيه من جانب جهات مختلفة . تقصير رسمى ومن جانبه يوضح الدكتور محمد محسوب وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية السابق والآمين العام للمجموعة والذي بذل مجهوداً كبيراً في هذا الملف خلال العامين الماضيين مشيراً إلى أن هذا الملف يعانى من تقصير رسمي، لافتاً إلى إن اللجنة القضائية التي شكلها المجلس العسكري، حتى الآن لم تحقق أي إنجاز فى هذا الملف وهو ما يضيع حقوق الدولة المصرية ويمس هيبتها أمام الدول التي تلقت أموال الفساد الهاربة منها . ويوضح المستشار عادل عبد الباقى وزير التنمية الإدارية الأسبق ورئيس بنك العقارى المصرى العربى إن عودة الأموال المهربة لأبد أن تكون من خلال صدور أحكام نهائية ضد الشخص المتهم بتهريب تلك الأموال، ويتم تقديم الطلب للقضاء فى الدولة الأجنبية الموجودة بها تلك الأموال لاعتماد حكم القضاء المصرى، وفى حالة ما إذا كان الحكم الصادر من القضاء المصرى غير بات، بمعنى أنه مازال قابلاً للاستئناف، او الطعن أمام النقض، ففى هذه الحالة القضاء الأجنبى لا يصدر حكماً بالموافقة على رد تلك الأموال . ويضيف المستشار عبد الباقى هناك شرط أخر لعودة تلك الأموال المهربة وهو أنه لابد أن يكون الحكم الصادر من القضاء المصرى فى قضايا جنائية وليست فى موضوع مدني، أى أن الواقعة لأبد أن يثبت فيها الجريمة وفقاً لقانون العقوبات المصرى، مشيراُ إلى أن عودة تلك الأموال مرهونة بالتخطيط الجيد من الحكومة المصرية، عن طريق الطرق السياسية والدبلوماسية، حيث من الممكن أن يتم الإتفاق بين الحكومتين المصرية والدولة الأجنبية بالتحفظ المؤقت على تلك الأموال لحين صدور الأحكام النهائية الباتة ضد هؤلاء المتهمين. أكثر تعقيداً ليس معنى هذا إن الأمل فى عودة الأموال المهربة مفقود بهذه النبرة التفاؤلية يقول المستشار عادل نحن فى انتظار صدور الأحكام التى تتم بشأن وجود أموال مهربة للخارج، لافتاً إلى إنه من الضرورى الاستعانة بمكاتب الإستشارات القانونية الموجودة بالدول التى اشتهرت بدخول ودائع وأموال ببنوكها، فتقوم تلك المكاتب بالبحث عن تلك الأموال المهربة فى دولهم، ومنها على سبيل المثال سويسرا، وتكون هذه المهمة مقابل أجر، منوهاً لضرورة أن تقوم الحكومة المصرية بسرعة بالتعاون مع تلك المكاتب من أجل المصلحة القومية حتى لا تتبخر وتختفى تلك الأموال أو على الأقل جزء منها . ويوضح عبد الباقى إن الإجراءات التى تتم فى تلك الدول تعتبر أكثر تعقيداً إذا كانت تلك الأموال قد استثمرت فى مشروعات وكيانات إقتصادية، أو أنشطة تجارية داخل هذه الدول، لافتاً إلى أن عودة تلك الأموال ليس أمراً مستحيلاً، ومن الممكن أن يطلب القضاء الأجنبى أن تحل الحكومة المصرية محل الشخص المتهم فى رأسمال الشركة التى سبق أن أسهم فيها أو اشتراها، أو حتى العقار الذى اشتراه، فيتم بيعه وتسييله حتى يمكن إسترداد قيمته . إذن الأمر يحتاج إلى إجراء مفاوضات كبيرة مع الدول الأجنبية ليس بهذا الشكل والكلام مازال للمستشار عبد الباقى أن الموضوع لا يحتاج إلى تفاوض مع الدول الأجنبية، وإنما يحتاج إلى ذكر نفس الإجراءات الخاصة بالاستثمارات أو المشروعات، أو العقارات فى نفس طلب الاتهام المقدم للدولة الأجنبية من أجل تسييل الأموال الموجودة لديها فى تلك المشروعات . أين أموال الريان والسعد ومن جانبه يصدق السفير جمال بيومى مساعد وزير الخارجية الأسبق ومهندس إتفاقية الشراكة المصرية الأوروبية على ما قالته المصادر السابقة، مضيفاً أنه لم يسمع بتلك الأموال التى عادت من الخارج سواء من جينيف أو أحدى العواصم الأجنبية الأخرى، لافتاً إلى أن خبرته الطويلة مع تلك الدول الأجنبية فمن الضرورى أن يتم دراسة قوانين تلك الدول وإجراءاتها، إلى جانب محاولة تتبع تلك الأموال المهربة وهو شىء بالغ الصعوبة -، مضيفاً أن أى دولة من الدول الأجنبية لن تسمح بقبول أحكام جنائية للمتهمين سواء بالمحاكم العسكرية أو الضغط عليهم للاعتراف بإرتكاب الجريمة . ويستبعد السفير بيومى عودة أى أموال مهربة من الخارج: ضارباً المثال لأموال الريان، وأشرف السعد وغير ممن هربوا بأنفسهم وأموالهم، مشيراً إلى أن السعد مازال يخرج لسانه لنا، بل يلقى على مصر التهم . الحقيقة وحول المبالغة الشديدة فى الأموال المهربة يوضح مهندس الشراكة المصرية الأوروبية أن ما نسمعه كل يوم من الكثيرين أصحاب الفتاوى أن تلك الأموال بلغت مليارات الدولارات، ومنذ فبراير 2011 حتى الآن نسمع بأرقام خيالية تيرليونات، ومليارات من الدولارات هربها النظام السابق، لافتاً إلى أن الأرقام التى تعلنها مؤسسة فوربس العالمية سنوياً وغيرها تثير الكثير من الدهشة إذا ما علمنا أن أغنى رجل فى العالم لا يزيد ماله عن 55 مليار جنيه، لافتاً إلى أنه عندما جاءت سيرة مبارك وعائلته قيل انه هرب 16 مليار دولار، ثم 70 مليار دولار، وإذا ما ضرب هذا الرقم فى 6،76 ج فيكون الناتج 4 تريلون و73 مليار جنيه، إلى غير ذلك من الأرقام الخرافية، مضيفاً إن مبارك تلقى عقب حرب الخليج مبلغ 4،5 مليار دولار عقب حرب الكويت وهذا المبلغ كان باسمه فقام بوضعه وديعة باسمه فى البنك المركزى، وتضاعف هذا المبلغ من 1992 حتى الآن ووصل 9 مليارات دولار نتيجة لاستثماره فى مشروعات متعددة . ويؤكد السفير بيومى بأن الحقيقة الأساسية لأموال مبارك وأسرته لا تزيد عن 550 مليون فرنك فى سويسرا، ولن يتم عودته إلا بالإجراءات القانونية والتحقيقات المدنية السليمة، وتقديمها للدول الأجنبية .