تبذل إدارة البورصة المصرية خلال الفترة السابقة جهوداً مضنية لإرسال رسائل مطمئنة إلي الساحة العالمية، مفادها أن مصر مازالت قوة اقتصادية كبيرة لا يستهان بها، حتي برغم الظروف والأزمات التي شهدتها علي مدار العام ونصف العام الماضية، إلا أن عودة مصر قوة اقتصادية بسوق أكثر قوة وجاذبية، إلي خريطة الاستثمارات علي المستويين الإقليمي والعالمي كمركز مالي إقليمي، بات من أهم أولويات إدارة البورصة والقائمين علي سوق المال في مصر، بالإضافة إلي وضع آليات وضوابط جديدة لتنشيط السوق وجذب الاستثمارات والوجود الدولي بقوة، من خلال الاتحادات الدولية والإفريقية لإرسال رسالة أن مصر ستعود بقوة إلي الساحة العالمية. وأشار رئيس البورصة المصرية الدكتور محمد عمران في حديثه ل "العالم اليوم"، إلي أمور ونقاط عدة أبرزها، تطوير وتعديل الضوابط والتعديلات وإعادة تنظيم كثير من الآليات المعمول بها حالياً، منها عقود الشراء وشهادات الايداع الدولية والاصدار الأولي والثانوي والحدود الدنيا لرؤوس الأموال والقوائم المالية للشركات المقيدة، والكشف عن قرب الإعلان عن تعديلات جوهرية قريبة لتخفيف الأعباء عن الشركات العاملة بالسوق بما لا يخل بالتزاماتها الأساسية. وكشف عمران عن البدء في تغيير قواعد حساب أسعار إغلاق الأسهم المتداولة بالبورصة بداية من اكتوبر المقبل، وعودة الجلسة الاستكشافية للعمل قبل نهاية العام، ولكن بآليات وقواعد جديدة وهي الجلسة التي تسبق التداول بالبورصة لتحديد سعر فتح الأسهم خلال الجلسة ويهدف التعديل إلي الحد من التذبذب في أسعار الأوراق المالية المتداولة بالبورصة والذي ينتج عن التعامل المحدود عليها، بالإضافة إلي قرب إصدار الهيئة ضوابط جديدة لتنظيم العمل بشهادات الإيداع الدولية بناء علي اقتراح البورصة، وإعادة تنظيم آلية الشراء بالهامش وفقا لرؤية مؤسسات السوق وفي إطار تعاقدي حاكم للعلاقة بين الشركات العاملة والمستثمرين، وشدد علي ضرورة تعديل بعض مواد قواعد قيد الشركات في سبيل جذب المزيد من الشركات الواعدة للقيد بالبورصة، وفيما يلي نص الحوار: * بداية ماذا عن تقييمكم لسوق المال المصري خلال الفترة الماضية؟ ** مما لاشك فيه أن البورصة تأثرت بشكل حاد خلال الأشهر الطويلة الماضية، بسبب الأحداث والتوترات السياسية والاقتصادية والأمنية في البلاد، ومن الظلم الحكم علي السوق في ظل هذه الظروف، ولكن الاستجابة السريعة لتحسن الأوضاع السياسية في البلاد كان له أبلغ الأثر، علي عودة الهدوء إلي السوق من جديد، وهو ما تُرجم عبر الشاشات وفي أسعار الأسهم، لتتحول البورصة إلي الارتفاع بعد أشهر طويلة من الهبوط الحاد. ولكن هناك حالة التفاؤل الاقتصادي تسود السوق وتحفز المستثمرين علي الشراء يومياً، فالبورصة تسبق الأحداث وهي الآن تسبق النتائج الإيجابية للجهود الكبيرة التي يبذلها رئيس الجمهورية والحكومة الحالية، لإعادة بناء الاقتصاد وجذب الاستثمارات من كل مكان في العالم، كما أن التفاؤل يجذب مستثمرين جدد إلي البورصة بالاضافة إلي ظهور قوي شرائية غير مسبوقة، مما يدعم استمرار صعود الأسهم في الفترة المقبلة. * ومع عودة الأمور إلي الهدوء هل من المتوقع التفكير في إلغاء "الإجراءات الاحترازية"، والتي وضعتموها بعد غندلاع ثورة يناير؟ ** الحديث عن إلغاء "الإجراءات الاحترازية" في الوقت الحالي، سابق لآوانه، ومن الصعب تحديد موعد نهائي لرفعها والعمل بدونها، كما أن وجود تلك الإجراءات أفاد السوق والمتعاملين به كثيرا، وحال دون تعرض البورصة والمستثمرين لخسائر فادحة كانت ستؤدي إلي "كوارث"، وبالتالي فإن استمرار العمل بها أو رفعها يتم وفق مشاورات مكثفة ومستمر بين البورصة وهيئة الرقابة المالية. * وماذا عن أهم الإجراءات التي ستتخذها الفترة المقبلة لتنشيط سوق المال المصري؟ ** مصر تسعي لدعم سوق المال وتطويره من أجل جذب الاستثمارات الجديدة والخارجية مرة أخري بعد تجاوز المرحلة الانتقالية وخروج المستثمرين من سوق المال خلال العام ونصف العام الماضية، فبداية سيتم تغيير قواعد حساب أسعار إغلاق الأسهم المتداولة بالبورصة بداية من الشهر المقبل وعودة الجلسة الاستكشافية للعمل قبل نهاية العام، ولكن بآليات وقواعد جديدة وهي الجلسة التي تسبق التداول بالبورصة لتحديد سعر فتح الأسهم خلال الجلسة ويهدف التعديل إلي الحد من التذبذب في أسعار الأوراق المالية المتداولة بالبورصة والذي ينتج عن التعامل المحدود عليها، بالإضافة إلي قرب إصدار الهيئة ضوابط جديدة لتنظيم العمل بشهادات الإيداع الدولية بناء علي اقتراح البورصة، وإعادة تنظيم آلية الشراء بالهامش وفقا لرؤية مؤسسات السوق وفي إطار تعاقدي حاكم للعلاقة بين الشركات العاملة والمستثمرين، كما أنه من الضروري تعديل بعض مواد قواعد قيد الشركات في سبيل جذب المزيد من الشركات الواعدة للقيد بالبورصة، بالاضافة الي قرب إصدار نسخة محدثة من قواعد القيد الجديدة علي أن تكون نسخة مجمعة بالتعاون مع الهيئة العامة للرقابة المالية واستمرار قيد وشطب الأوراق المالية مسترشدا بمقترحات البورصة المصرية في هذا الصدد. كما اننا ننظر إلي المشكلات العملية التي تواجه الشركات المقيدة ولجنة القيد بالبورصة، وطالبنا بضرورة تخفيف الأعباء عن الشركات العاملة وهو ما وافق عليه رئيس الهيئة، بقرب إصدار تعديلات جوهرية علي القرارين 49 50 في سبيل تخفيف المعاناة عن كاهل الشركات العاملة بما لا يخل بالتزاماتها الأساسية. كما أنه لا يوجد بالبورصة المصرية ما يمنع قيد سندات متغيرة العائد والتي طرحها البنك المركزي مؤخرا.. مشيرا الي أن ذلك يحتاح إلي التنسيق بين الجهات المصدرة وهي البنك المركزي ووزارة المالية. * كثر الحديث عن تعاملات الأجانب في البورصة وضرورة وجود ضوابط تحكمها.. ما رأيكم في هذه القضية؟ ** في الحقيقة تستبعد البورصة دراسة تقنين تعاملات الأجانب، وهو ما يطالب به المتعاملون في السوق في أوقات الأزمات، كما أنه لن يسن قاعدة او قانونا لتعاملات الأفراد الأجانب أو المؤسسات، وتقنين تعاملاتهم يعتمد علي حالات استثنائية، خاصة أن أغلب الاستثمارات والتي تصنف في الموازنة العامة علي انها استثمارات أجنبية مباشرة، يتم تنفيذها من خلال البورصة، حيث إن أي استحواذ أجنبي تتعدي نسبته 10% من اي شركة مصرية يتم تصنيفه علي أنه استثمار أجنبي مباشر، وان تم من خلال البورصة، مثل بيع موبينيل لفرانس تيليكوم، كما أنه في حالة تنفيذ صفقة استحواذ بنك قطر الوطني علي 77% من الأهلي سوسيتيه جنرال تصنف علي انها استثمار أجنبي مباشر رغم تنفيذها من خلال البورصة. * ترددت تصريحات بشأن الاتجاه إلي خصخصة البورصة أو تأسيس شركة قابضة للبورصة.. هل الوقت مناسب لذلك؟ ** هذه الفكرة غير مطروحة الآن، خاصة أن هذه الفكرة جاءت لإيجاد شركات ذات علاقة بالبورصة، كأن يتم تأسيس شركة خاصة بمجلس منفصل لإدارة بورصة النيل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، في حالة زيادة عدد الشركات المقيدة والمتداولة فيها لما يتراوح بين 70 و100 شركة، مما يؤهلها لأن يكون لها وضع مالي خاص بها، وهو نفس الأمر في حالة ايجاد سوق للمشتقات، لتظهر في هذه الحالة الحاجة لتأسيس شركة قابضة. * وماذا عن خططكم للتواجد علي الساحة الدولية من جديد؟ ** تغيبنا بالفعل عن البورصات العالمية منذ فترة كبيرة ووجب العودة لإرسال رسالة إلي العالم أجمع أن البورصة المصرية سوف تعود بقوة إلي الساحة العالمية، ولذلك سيسافر وفد من البورصة المصرية برئاستي لحضور الاجتماع رقم 52 لاتحاد البورصات العالمية والترشح في انتخابات مجلس اتحاد البورصات بتايوان في 15 أكتوبر المقبل، وهدفي من هذا الترشح الشخصي ممثلا عن البورصة المصرية ليس الفوز في الانتخابات بقدر ما هو إرسال رسالة بعودة مصر بقوة إلي الساحة العالمية. * وما تعليقك علي قرار البورصة بشطب عدد من الشركات غير الملتزمة بقواعد القيد؟ ** فيما يخص شطب15 شركة من البورصة لعدم التزامها بقواعد القيد هو قرار لايزال قيد الدراسة، وأن هذه الشركات لا تندرج تحت بندالشركات النشطة، وأقصد بهذا التصريح الشركات التي لا يتم التداول علي أسهمها، وهي ليست من الشركات النشيطة، كما أن خيار شطب هذه الشركات سيكون الأخير بعد أن تنفد كل محاولات البورصة في إقناع مسئولي هذه الشركات بتوفيق أوضاع شركاتهم، فإننا حريصون علي مصالح المستثمرين وفي الوقت نفسه تطبيق القانون واللوائح المعمول بها بالسوق. * وماذا عن رؤيتك للبورصة المصرية خلال الفترة المقبلة؟ ** البورصة حققت أعلي عائد علي مستوي العالم وبفارق كبير حتي علي صعيد أسواق المال المتقدمة والكبري وارتفعت مؤشراتها إلي أعلي مستويات لها في 15 شهرا، لافتا إلي أن أداء بورصة يعكس التوقعات الإيجابية بشأن الاقتصاد في المستقبل، والعالم يترقب باهتمام تجربة السوق المصرية، واتوقع أنه في حال اتمام جهود إعادة بناء الاقتصاد من قبل الحكومة المصرية لتحسين بيئة الاستثمار ووضع سياسيات اقتصادية واستثمارية واضحة، سيكون شأن البورصة غير ما هي عليه الآن، وسيزداد النشاط لأبعد من ذلك وستأتي الاستثمارات من كل أنحاء العالم.