ما بين مؤيد ومعارض شهدت الساحة الاقتصادية والسياسية جدلا كبيرا حول الاقتراض من صندوق النقد الدولي بين خبراء الاقتصاد وأيضا حيث يري البعض أن هذا القرض يعد نقطة إيجابية لصالح الاقتصاد المصري خاصة في ظل تراجع الدول العربية والأجنبية عن وعودها بمساعدة الاقتصاد المصري في حين يري البعض الآخر أن الموافقة علي هذا القرض سوف تؤدي إلي ثورة جديدة مؤكدة نتيجة للشروط التي سوف ترافقه وما سيترتب عليه من اجراءات تقشفية ستؤدي لارتفاع في أسعار السلع الاستراتيجية والخدمات الأساسية وبالتالي سيكون المتضرر الرئيسي هو المواطن الغلبان الذي قامت ثورة 25 يناير من أجله يستطلع أراء الخبراء. يقول د. رشاد عبده أستاذ الاقتصاد بالاكاديمية العربية للعلوم المالية هل الحكومة المصرية مضطرة للاقتراض من صندوق النقد الدولي أم لا وللأسف الموقف الاقتصادي الحالي في مصر موقف صعب جدا حيث تشير الأرقام إلي صعوبة موقف هذا الاقتصاد حيث إن موازنة العام الحالي ترصد عجزا مقداره 145 مليار جنيه كما أن مديونية البلاد قد ارتفعت إلي أكثر من 1376 مليار جنيه مصري كما انخفض احتياطي البلاد من النقد الأجنبي في البنك المركزي من 36،1 مليار دولار في شهر قيام الثورة ليصل اليوم إلي 14،4 مليار دولار فقط وجميعنا نعلم أهمية النقد الأجنبي لسد احتياجاتنا من السلع الغذائية والسلع الاستراتيجية وبالنظر لقلق الحكومة وتخوفها من حدوث مزيد من الانخفاض في النقد الأجنبي وعدم قدرتها علي شراء احتياجات الشعب المصري الأساسية فقد سارعت بالاتصال بالصندوق وطلب قرض منه بل وطالبت برفع قيمة القرض من 3،2 مليار دولار إلي 4،8 مليار دولار. إيجابيات وسلبيات أوضح عبده أن القرض في حالة الموافقة عليه سوف يحقق بعض المزايا للاقتصاد المصري والتي يقابلها في نفس الوقت بعض العيوب والاضرار حيث أوضح أن النواحي الايجابية لهذا القرض تتمثل في أنه سوف يساعد علي زيادة الاحتياطي النقدي الأجنبي في البنك المركزي الأمر الذي سيساعد علي تلبية الاحتياجات الأساسية للشعب المصري، كما أنه سيساعد علي تخفيض عجز الموازنة المصرية بالاضافة إلي أنه بمجرد أن وافق الصندوق علي اقراض مصر فهي تعتبر شهادة علي قدرة الاقتصاد المصري لسداد ما عليه من التزامات مالية سواء للصندوق أو غيره الأمر الذي يفتح أمام مصر المجال لمزيد من الاقتراض من مؤسسات مالية ودول أخري وبأقل تكلفة. وأعلن أن المتحفظين والرافضين للقرض عندهم عدة أسباب أهمها أن هذا القرض سوف يدفع البنك المركزي لطباعة نقود بالجنيه المصري الأمر الذي سيعود إلي ارتفاع في الأسعار والذي سيسدد فاتورة هذا الغلاء هما الفقراء ومحدودي الدخل والأمر المرفوض خاصة في قيام ثورة كان أحد أهدافها هي تحقيق العدالة الاجتماعية وهو الأمر الذي لم يتم تحقيقه ثانيا أن صندوق النقد لا يقوم بتسليف الدول إلا في حالة تأكده من قدرة اقتصاد الدولة علي السداد وفي ظل معاناة الاقتصاد المصري الحالية في جميع قطاعاته بالاضافة للمطالب الفئوية وغيره، فقد أوضحت رئيسية الصندوق أن هناك فريقا يقوم بدراسة هذا الأمر لوضع الشروط وبرامج الاصلاح المطلوبة التي من شأنها أن تجعل الدولة قادرة علي سداد القرض وعلي رأس هذه الشروط تخفيض الدعم الذي يقدم في الأساس للفقراء والغلابة مما يعني معاناتهم أكثر حتي في حالة الغاء دعم الطاقة علي المصانع في القطاع الخاص فإنه سوف يتجه لتحميل فرق هذا الدعم علي أسعار منتجاته أي أن منتجاته ستصبح أكثر غلاءا وهو الأمر الكفيل بغضب الفقراء واضرابهم عن العمل وعمل احتجاجات فئوية مما يؤدي إلي أن الناتج القومي سينخفض والاقتصاد المصري سيتراجع بشكل كبير. العملات الأجنبية وفي نفس السياق أوضح د. مختار الشريف الخبير الاقتصادي أن مصر تحتاج للاقتراض من الخارج بالعملات الأجنبية في الفترة الحالية نظرا للنقص الشديد الذي تعانيه مصر في العملات الأجنبية خاصة أن مصر تقوم بشراء أكثر من 60% من منتجاتها الغذائية والمواد الخام من الخارج وبالتالي أصبح ذلك ضرورة وإلا سوف ينهار الاقتصاد المصري خاصة مع وجود العجز الحالي في الموازنة صحيح أن هناك بعض المشكلات نظرا لزيادة الديون الخارجية إلا أنه هناك مشكلة حقيقية يواجهها الاقتصاد المصري خاصة مع تراجع معدلات الإنتاج بشكل كبير وتوقف السياحة التي كانت تعد المصدر الأساسي للعملات الأجنبية وبالتالي الاقتراض من الخارج أصبح ضرورة.