هذا هو السؤال الذي يتردد بقوة الآن في ربوع أوروبا، وانقسم المحللون في الإجابة عليهم.. فهناك من يري أن الأشقاء الأوروبيين سوف يجدون أنفسهم مضطرين إذا ما جاءت نتيجة الانتخابات البرلمانية الجديدة في اليونان بحكومة رافضة لشروطهم بتقديم مساعدات مالية والخاصة بالالتزام ببرنامج تقشف مالي صارم.. وفي المقابل هناك من يرون أن الأوروبيين سوف يجدون أنفسهم مضطرين للإبقاء علي اليونان في منطقة اليورو لأن تكلفة خروجها عليهم سوف تكون أكبر والذين يعتقدون أن الدول الأوروبية سوف تتجه في نهاية المطاف إلي قبول خروج اليونان من منطقة اليورو يستندون إلي أن المزاج العام للناخبين في اليونان رافض لقبول أي شروط أوروبية للحصول علي مساعدات أوروبية، وأن اليونانيين أنفسهم يجبذون في الغالب الخروج من منطقة اليورو للخلاص من ضغوط الاشقاء الأوروبيين عليهم بتنفيذ خطط تقشف صارمة، أي أن الأوروبيين حتي وإن رغبوا في الحفاظ علي اليونان في منطقة اليورو قد لا يستطيعون منعها من الخروج من هذه المنطقة.. فضلا عن أن الألمان يصرون علي التزام اليونان بخطط التقشف مقابل الحصول علي مساعدات جديدة من أوروبا، وترجموا ذلك عمليا بتأجيل دفع دفعة جديدة من هذه المساعدات لليونان. أما الذين يرون أن الأشقاء الأوروبيين سوف يقبلون ولو علي مضض باستمرار اليونان في منطقة اليورو حتي ولو لم تلتزم حكومتها الجديدة التي سوف تأتي بها الانتخابات القادمة بخطة التقشف فإنهم يعتقدون أن خروج اليونان من منطقة اليورو سوف يؤدي إلي تعثر العديد من البنوك والمصارف الأوروبية الدائنة لليونان، والتي ستفقد إلي الأبد ما لها من مستحقات مالية لدي اليونانيين الذين سيرفضون بالطبع بعد الخروج من منطقة اليورو سداد هذه المستحقات والديون، يضاف إلي ذلك تأثير خروج اليونان من منطقة اليورو علي مستقبل العملة الأوروبية الموحدة ذاتها التي سوف تتعرض لضغوط كبيرة تقودها للانخفاض.. كما أن خروج اليونان قد يشجع دولا أوروبية أخري تعاني أزمات مالية علي التفكير في أن تحذو حذو اليونان للخلاص من الضغوط الأوروبية عليها لتنفيذ خطط تقشف صارمة أيضا، وهذا قد يؤدي في نهاية المطاف إلي انفراط عقد منطقة اليورو كلها. ولا يقلل هؤلاء من صرامة الموقف الألماني الذي يصر علي خطط التقشف الصارمة لتجاوز اليونان وغيرها من الدول الأوروبية التي تعاني أزمات مالية، وهو ما بدا واضحا في التمسك باتفاق الانضباط المالي للموازنات الأوروبية.. غير أن هؤلاء يذكرون بصرامة الموقف الألماني في بداية الأزمة اليونانية الرافض لتقديم أية مساعدات مالية أوروبية لليونان، وهو الرفض الذي تخلي عنها الألمان فيما بعد، وبالتالي لا يستبعدون أن يعيد الألمان النظر في موقفهم الصارم من خطط التقشف والانضباط المالي، خاصة بعد أن فقدوا بخروج ساركوزي ومجيء هولاند في فرنسا، مؤيدا لهم في هذا الموقف.