الثورة في مصر تاريخيا ذات طبيعة خاصة، فمنذ انهيار الدولة الفرعونية وخيانة كهنة آمون وتألههم الغازي الفارسي وجعله "ابن آمون" ثم تأليههم الاسكندر وجعله هو أيضا "ابن آمون" صارت الثورة في مصر ثورة وطنية ضد الغزاة ولها بالضرورة في الوقت نفسه مضمونا اجتماعي ضد الطبقات المستغلة المتواطئة مع الغزاه وفي العصر الحديث كانت ثورة عرابي ضد استغلال الخديو وطبقة ملاك الأراضي وضد الاحتلال البريطاني الذي تواطأ معه الخديو وأعوانه وأجهضت ثورة عرابي بالخيانة. وثورة 1919 كانت وطنية ضد الاحتلال البريطاني وانتهت بالتهادن بين طبقة ملاك الأراضي والسراي والاحتلال البريطاني. ثورة يوليو 1952 كانت أيضا ضد ملاك الأراضي الاقطاعيين والسراي وضد الاحتلال البريطاني واكتسبت علي مدي السنين مضمونا اجتماعيا متميزا حتي نكسة 1967، أما عهد السادات فكان بداية الثورة المضادة من أول الانفتاح السداح مداح ورغم انتصار 1973 فإن السياسة الخارجية حولت مصر إلي دولة تابعة للاستعمار الأمريكي وممثلة في المنطقة العربية إسرئيل. أما عهد مبارك فإنه استمرار للثورة المضادة التي لم تؤكد تبعية مصر للاستعمار الأمريكي فحسب بل سياسة تخريب مصر لمدة ثلاثين سنة من أول الخراب الاقتصادي وتحطيم الصناعات المحلية وقهر الشعب وإذلاله حتي حدثت ثورة 25 يناير 2011 التي وبالضرورة تواجه نفس أهداف الثورات في مصر: التحرر من الاستعمار الذي جعل مصر دولة تابعة للاستعمار الأمريكي وإعادة بناء الوطن بما يحقق العدالة الاجتماعية ورفع مستوي الشعب. ولقد بدأت الثورة بمحاكمة أعوان النظام السابق ولكن هل من المعقول أن تتم المحاكمات للفساد فحسب؟ إن الفساد هو ثمن الخيانة الوطنية فهل من المعقول أن نحاسب المجرمين عن الثروات المنهوبة التي هي ثمن الخيانة ولا نحاسبهم علي الخيانة نفسها؟ وكمثال: ماذا تم في عمليات الخصخصة وجريمة تدمير الاقتصاد الوطني؟ هل تكون المحاسبة عن الأموال المنهوبة.. وتترك جريمة تدمير الاقتصاد نفسه؟! إلغاء الدورة الزراعية هو تخريب للإنتاج الزراعي وإنهاء زراعة القطن طويل التيلة وخراب صناعة النسيج.. هل نحاسب المسئول عن هذه الجريمة عن فيللا تملكها؟ أما أغرب شيء فهو المناداة بالعفو عن هذه الجرائم ولو تم استبداد الأموال المنهوبة أو "الرشاوي". أين موقف الثورة من سياسة التبعية التي صارت لمدة عشرات السنين؟ ما الموقف من المعونة الأمريكية أو اتفاق الكويز؟ ما الموقف من الاتفاقات العسكرية مع أمريكا التي تتضمن إبقاء مصر أضعف من إسرائيل؟ ما هو الموقف من شروط البنك الدولي؟ ما الموقف من سياسة الاستيراد السداح مداح التي حولت الصناعة المصرية إلي تجهيز البضاعة المستوردة للتسويق في السوق المحلي؟ ما الموقف من استيراد السلع الاسستفزازية من أول أكل القطط والكلاب إلي استيراد موبيليا من أمريكا وتخريب الصناعات الصغيرة باستيراد السلع الرخيصة من الصين؟ أين سياسة تراخيص الاستيراد؟ أين سياسة الرقابة علي النقد؟ أين العلاج المجاني الذي تحول إلي علاج علي نفقة الدولة للمحاسيب ومن لديه واسطة؟ أين سياسة التعليم الاجباري؟ أين ثورة 25 يناير؟