قبل الانتخابات الرئاسية المصرية بأيام تابعنا جميعا كيف جرت الانتخابات الرئاسية الفرنسية. والفارق كبير بين ديمقراطية عريقة قائمة على ثقافة الاختلاف والاحترام وديمقراطية وليدة قائمة على التهديد والاعتصامات وربما الإرهاب أيضا..! فالرئىس الفرنسى ساركوزى خسر معركة الرئاسة لدورة ثانية أمام منافسه فرانسوا هولاند فى معركة انتخابية فرض فيها الشعب الفرنسى إرادته فى التغيير. وتقبل ساركوزى الهزيمة بابتسامة وتوجه لمصافحة منافسه متمنيا له التوفيق فى خدمة فرنسا وانتهى الأمر..! أما فى مصر فقبل أن تبدأ الانتخابات فإن التهديدات خرجت من عدة جبهات ترفض نتائجها مسبقا.. وتطعن فيها بالتزوير..! ومازال المرشح المستبعد حازم صلاح أبوإسماعيل يرفض الاستسلام ويتقمص شخصية الرئىس ويدعو إلى مليونية جديدة فى ميدان التحرير يوم الجمعة القادم لإنقاذ الثورة والثوار، مستمرا فى مسلسل الانتقام من الجميع بعد استبعاده. أما بقية المرشحين من التيارات الدينية فقد أعلنوها مسبقا أنهم سوف ينزلون إلى الشارع إذا ما فاز أحد مرشحى التيار الليبرالى وسيعتبرون ذلك تزويرا فى نتائج الانتخابات..! وإذا كان الأمر كذلك وإذا كان الشارع سوف يشهد فوضى متوقعة سواء كان الرئيس القادم من التيار الدينى أو كان ليبراليا علمانيا، فلماذا تجرى الانتخابات؟ ولماذا نذهب إلى التصويب؟! إن ما يحدث لا علاقة له بالديمقراطية ولا بحرية التعبير ولا بالثورة، بقدر ما هو محاولة إرهاب للجميع وفرض للوصاية والهيمنة على إرادة الجماهير. إننا ندعو إلى أن تكون هناك وقفة جادة من مؤسسات المجتمع المدنى ومن كل الساعين إلى إنجاح المسيرة الديمقراطية لإدانة كل الدعوات التى تدعو إلى النزول للشارع اعتراضا على نتائج الانتخابات الرئاسية، وأن يكون هناك حزم فى تطبيق القانون تجاه الذين يحرضون على العنف ويهددون بتقديم مزيد من الشهداء. لقد خسر حازم صلاح أبوإسماعيل على سبيل المثال كل رصيده الشعبى بمواقفه عندما خرج عن الشرعية والقانون واعتقد انه دولة داخل الدولة، وانه قادر بأنصاره على فرض إرادة مغايرة تعلو فوق صوت القانون، وسيرتكب أي مرشح آخر للرئاسة نفس الخطأ إذا لم يعلن منذ الآن التزامه واحترامه لنتائج الانتخابات الرئاسية القادمة ولقرار الشعب وإرادته الحرة فى اختيار من يعتقد أنه الأنسب لكى يكون رئيسا له.. إنهم يقولون جميعا إن ما دفعهم للترشح للرئاسة ليس الرغبة فى المنصب ولكن لخدمة الشعب وإنقاذ الوطن، ونأمل أن يكون ذلك صحيحا وأن يؤمنوا ان إنقاذ الوطن فى وحدته وليس فى تقسيمه إلى شيع وأحزاب وميلشيات..