ارتفع معدل ادخار المستهلك الفرنسي بوتيرة غير مسبوقة منذ 30 عاماً بما يقلص نمو الاقتصاد الفرنسي ثاني أكبر اقتصاد في أوروبا الذي يعتمد علي إنفاق المستهلكين بالمقابل تؤدي عمليات الادخار إلي تعزيز ميزانيات البنوك. ودفعت مخاطر انتشار أزمة الديون الأوروبية المدخرين الفرنسيين نحو التسابق إلي الحسابات المصرفية كملاذات آمنة مع تنامي قلقهم علي استثماراتهم المعرضة للأسواق الأخري الضعيفة. ويري العديد من الخبراء أن الاقتصاد الفرنسي أكثر اعتماداً علي طلب المستهلك لتعزيز نموه مقارنة بجارته ألمانيا التي تعول علي الصادرات في تقوية اقتصادها. وبارتفاع طلبات تقديم المساعدات للعاطلين عن العمل لأعلي مستوي منذ 12 عاماً تستعد الأسر الفرنسية لاستقبال فترة عصيبة بغض النظر عن نظام الأمن الاجتماعي السخي الذي يقدم لهم الدعم عند التقاعد أو فقدان الوظائف. وقال سيريل بليسون الاقتصادي في مؤسسة بير كونسيل الاستشارية في صحيفة انترناشونال هيراليد تريبيون "من حسن الحظ إن هذه الأموال لا تذهب من دون مقابل وأنها تودع في الحسابات البنكية لكن هذه المرحلة الأولي من أزمة السيولة". ويفضل معظم الناس الاحتفاظ بأموالهم نقداً أو وضعها في حسابات مصرفية من دون فوائد بينما هناك الكثير من الأموال التي تودع في حسابات توفير معفاة أو مفروض عليها ضرائب. وتدافع المدخرون الفرنسيون نحو البنوك نظراً لبيع المستثمرين لأسهمهم تخوفاً من تعرضهم للديون السيادية في منطقة اليورو واعتمادهم في الحصول علي التمويل من مؤسسات مالية أخري. وفي حالة الإفلاس تقوم هيئة صناعية بتوفر ضمانات للإيداعات البنكية حتي 100 ألف يورو وللأموال المودعة في منتجات ضمان المنافسة وهي واحدة من وسائل الاستثمار المشهورة في فرنسا حتي 70 ألف يورو. وقفز معدل الادخار الأسري إبان الأزمة المالية في 2008 - 2009 بوتيرة قدرها 17% الأعلي منذ أوائل 1983 . وفي غضون ذلك بدأ إنفاق المستهلك في التراجع ليحقق انخفاضاً بلغ أسرع معدل له خلال 12 شهراً منذ فبراير 2009. وذكر مايكل مارتينيز كبير الاقتصاديين الفرنسيين في بنك سوسيتيه جنرال أنه ونتيجة إلي أن المديونية الأسرية في فرنسا واحدة من بين الأقل في أوروبا لا تزال هناك مساحة للكثيرين ليقللوا من معدلات ادخارهم المرتفعة في الوقت الحالي. ومما زاد الصورة تعقيداً التزام حكومة الرئيس الفرنسي نيكولاس ساركوزي المحافظة بزيادة ضريبة المبيعات بغرض المساعدة في تمويل العجز في مساهمات الرعاية الاجتماعية التي ينبغي أن تقدمها الشركات ما يهدد ذلك بزيادة تقليل الإنفاق ليقضي علي أي تأثير ايجابي ينتج عن انخفاض الادخار. وأصبح ارتفاع معدل الادخار بمثابة النعمة للبنوك الفرنسية المحاصرة حيث ساعدتها الزيادة في نسبة الإيداعات علي تخفيف الضغوط الناجمة عن إمكانية التمويل الذاتي في ظل النشاط المتعثر بين البنوك. وارتفعت حسابات دفتر الادخار (أ ) الأكثر شعبية في فرنسا والخالية من الضريبة والتي تتميز بسعر فائدة ثابت قدره 2.25% بنحو 11% في سبتمبر الماضي. وبينما تمثل هذه النسبة ضعف المتوسط الذي بقيت عليه عند 6% لمدة عشر سنوات إلا أنها بعيدة كل البعد عن 30% التي تم تسجيلها في مارس 2009. مصطفي عبد العزيز