علي مواقع التواصل الاجتماعي يوجد شريط فيديو يحمل عنوان استقالة ضابط جيش مصري.. والفيديو يوضح استقالة ضابط جيش يدعي المقدم وليد محمد حيث يقول "أتقدم باستقالتي بعد أن ظلمني شعبي وأهانني". وخلال الفيديو يقدم عرضا إنسانيا لتضحيات الجيش ودفاعه عن البلاد ومساندته للثورة وحفظه للأمان في الداخل ثم تعرضه للتجريح والإهانة في مقابل ذلك. ورغم أنني أدرك تماما أن شريط الفديو من النوع الدعائي الذي يدخل في إطار حملة تلميع الجيش ورد الاعتبار له، ورغم أنني أيضا علي ثقة من أن شخصية هذا الضابط الذي يتحدث عن استقالته غير موجودة فإنني أنظر إلي هذا الفيديو علي أنه حق مشروع لرجال القوات المسلحة في التعبير عن نوع من الصدمة والشعور بالإحباط الذي ينتابهم جراء محاولات التشويه التي يتعرضون لها أو تحميلهم المسئولية في تأخر تحقيق مطالب الثوار. وبداية فإننا نوضح أن أحدا لا يمكن أن يتعرض لإهانة وتشويه رجال القوات المسلحة الذين سيظلون يمثلون لمصر مصدرا للفخر والعزة منذ أن كانت معركة أكتوبر الخالدة دليلا علي أنهم رجال عاهدوا الله علي الموت في سبيل الوطن. ولا يمكن لأحد أن يتجاوز في حق هؤلاء الأبطال الذين هم جزء من الوطن، إخوة وأقارب لنا، خرجوا من النجوع والكفور والقري والمدن ليشاركوا في خدمة بلادهم بأداء الواجب العسكري النبيل. وإذا كان هناك انتقاد موجه للمؤسسة العسكرية، فهو خلاف في الرأي مع الدور السياسي لهذه المؤسسة التي تمثل النظام الحاكم الآن، وهو خلاف من أجل الوطن مع سياسيين يرتدون الزي العسكري وليس خلافا مع عسكريين يتعلق بدورهم العسكري والمهني. وهو أيضا خلاف لا يعني أن أحد أطرافه علي صواب والأخر خطأ، فهناك قناعات لدي الكثيرين بالوقوف مع المجلس العسكري في هذه المرحلة الانتقالية، وترحيب باستمرار تواجده في أداء المهمة إلي حين استكمال الانتخابات الرئاسية بسلام وسلاسة وبعدها يعود الجيش إلي ثكناته ويتفرغ لمهامه في حماية الوطن. وقد يطالب البعض بالإسراع في تسليم السلطة الآن لرئيس مجلس الشعب المنتخب أو لرئيس المحكمة الدستورية إلي أن تجري انتخابات الرئاسة، وهي وجهة نظر، ولكنها ليست ملزمة، وهي قابلة للحوار والنقاش في إطارموضوعي توافقي بعيدا عن التشدد والتصلب وافتعال الأزمات. وفي رأينا فإنها قضية لا تتعلق بالمجلس العسكري أو المؤسسة العسكرية فقط، ولا تتعلق أيضا بالإسراع في تسليم السلطة، ولكنها محاولة لإيجاد أزمة جديدة تعيد الثورة إلي نقطة البداية وتوقف عملية انتقال السلطة بأي ثمن لإعلان الشرعية الثورية فوق الشرعية الشعبية بعد أن ساد اعتقاد بين بعض ائتلافات الثوار مؤداه أن الثورة قد اختطفت وأنها تسير في اتجاه آخر غير الذي خططوا له وبعد أن أظهرت نتائج الانتخابات البرلمانية أنهم قد أصبحوا خارج الصورة تماما. إن ضابط الجيش لا يستقيل أثناء المعركة.. والمعركة مازالت مستمرة، فهي معركة بناء مصر الحديثة التي تسمح بتعدد الآراء والاختلاف وبأن أحدا ليس فوق النقد سياسيا كان أوعسكريا.. مادام الهدف والاختلاف في حب هذا الوطن. السيد البابلي [email protected]