شهدت مصر علي مدار عام 2011 العديد من التقلبات والتغيرات علي مستوي قطاعات الدولة المختلفة البعض منها كانت تغيرات إيجابية تبعث علي التفاؤل والبعض الآخر سلبية تتطلب من المواطن المصري الصبر حيناً والمطالبة بحقوقه أحيانا أخري ويعد القطاع الزراعي من أبرز القطاعات تأثراً بالأحداث التي تمر بها الدولة، ففيما مضي اعتادت الحكومات السابقة علي تهميش دور الفلاح المصري وبيع الأراضي الزراعية أو الصالحة للزراعة بأبخس الأسعار حتي تحولت مصر من دولة تعتمد علي الزراعة في المقام الأول إلي دولة غير محددة الملامح فحالياً لا نستطيع إذا بما كانت مصر دولة زراعية أم صناعية فمعظم احتياجتنا من الغذاء والمنتجات الزراعية يتم استيرادها من الخارج ومن الواضح أن الفجوة الغذائية في مصر تتسع عاماً تلو الآخر. ويمكن القول إنه كان لثورة 25 يناير التي كانت أبرز أحداث عام 2011 أثرها الكبير علي القطاع الزراعي في مصر هذا العام فوفقا للبيانات التي أشار إليها الخبراء فمؤشر القطاع الزراعي هذا العام يعكس التدهور شديد في أوضاع القطاع حيث إن نسب الاكتفاء اذاتي تتراجع للخلف ففي العام الماضي وصلت نسبة الإنتاج من محصول الفول وهو محصول رجل الشارع من 180 ألف فدان إلي 140 ألف فدان هذا العام وتراجعت نسبة الاكتفاء الذاتي من العدس لتصل إلي 1% حيث وصلت نسبة المساحة المزروعة منه العام الماضي 80 ألف فدان وتراجعت النسبة هذا العام إلي 10 آلاف فدان وعلي الرغم من ارتفاع الأسعار العالمية للسكر وسهولة تحقيق الاكتفاء الذاتي منه في مصر نظراً لسهولة زراعته إلا أن نسبة الإنتاج في مصر لا تتقدم ووصلت هذا العام إلي 68% فقط. كذلك تعكس واردات مصر من القمح هذاالعام عدم دقة البيانات الصادرة عن وزارة الزراعة حيث وصلت نسبة الواردات من القمح في 2011 ل 15،5% مليون طن في حين أن جملة احتياجتنا تصل ل14 مليون طن فقط، وهذا يعني أن جملة الواردات من القمح هذا العام وصلت إلي 10 ملايين طن حسب البيانات الصادرة عن بورصة شيكاجو للحاصلات الزراعية، مما يعني أن إنتاج مصر لا يتجاوز 3 ملايين طن وليس 8 ملايين كما تدعي الوزارة. وعن أبرز المشكلات التي واجهت القطاع عام 2011 وتوقعات الخبرآء لمستقبل الزراعة يقول د.نبيل محمد محروس رئيس قسم المحاصيل الزرعاية بكلية الزراعة أن مشكلة القمح وقضية تحقيق الاكتفاء الذاتي من أصعب الأمور التي تواجه الدولة خاصة بعد الثورة حيث أصبح من المستحيل تحقيق اكتفاء ذاتي في القمح، فمعظم الأرقام التي تم إعلانها من الجهات الحكومية غير صحيحة وقد تم إعلانها اعتمادا علي بيانات الفلاحين فقط فبالتالي البيانات التي تصل للجهات مغلوطة وغير صحيحة فالمساحة المعلنة من زراعة القمح 6،2 مليون طن وهذا الرقم غير صحيح لأن مساحة الأراضي المزروعة بالقمح قليلة جدا وتقدر ب5،4 مليون طن بل وقد انخفضت بسبب التعدي علي الأراضي الزراعية خلال الثورة. أما عن مشروع توشكي فقد تم الإعلان عن استثمارات كبيرة في هذه الأراضي وتم صرف مليارات الجنيهات علي هذه المشاريع في حين أن المساحة المزروعة في أراضي توشكي حاليا لا تتعدي من 10 ل12 ألف فدان، ومن أشهر الشركات الموجودة بتوشكي حاليا هي شركة الراجحي والزهرة الإماراتية وشركة الوليد بن طلال وجنوبالوادي وتعد أكبر الشركات التي استصلحت أراضي بتوشكي حتي الآن هي شركة جنوبالوادي حيث بلغت مساحة الأراضي المستصلحة بها 3300 فدان وشركة الراجحي 3000 فدان أما الوليد فأقل من 2000 فدان. أما عن شرق العوينات فيمكننا القول أنها من أنجح المشاريع الاستثمارية علي مستوي مصر حيث تحقق عائد كبير للشركات الاستثمارية الموجودة هناك حيث يتم زراعة مساحات هائلة من المحصولات. وتقدر مساحة الأراضي المستصلحة بشرق العوينات بما لا يقل عن 150 ألف فدان. في حين يري د.خيري حامد -الخبير الزراعي بالمركز القومي للبحوث -أنه من أبرز المشكلات التي واجهت هذا القطاع في 2011 عدم تسويق الأسمدة بشكل جيد وتأمينها في مصر خاصة أسمدة البوتاسيوم والتي تعد من أبرز المشكلات حيث يتم استيراد المواد الخام كاملة من الخارج وبالتالي فإن أسعار الأسمدة تكون مرتفعة جدا بالنسبة للفلاح فأزمات الأسمدة متكررة ولا تنتهي سواء في الموسم الشتوي ووضح تأثيرها علي محصول القمح في يناير وكذلك في شهر مايو حيث أثرت علي محصول الأرز والذرة بشكل كبير حيث أصبح الفلاح مطالباً ب20% زيادة لتغطية تكاليف الأسمدة بمعدل 100 جنيها للشيكارة ويتراوح استهلاكه ما بين 3ل4 شيكارات.