انتصار سياسي ودبلوماسي كبير ذلك الذي حدث لمنظمة التحرير الفلسطينية وجاء بعد رفض من أغلبية دول العالم للضغوط الامريكية، كي تحصل دولة فلسطين علي العضوية الكاملة في منظمة الاممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" خلال التصويت الذي جري في الجمعية العمومية للمنظمة في مقرها باريس قبل اسبوعين. هذا التصويت يعد بمثابة لحظة تاريخية فارقة في عمر القضية الفلسطينية تعيد للفلسطينيين بعضا من حقوقها، فلسطين مهد الديانات والحضارات، ومع هذا الانضمام للعضوية سمح لفلسطين بأخذ موقعها الطبيعي في منظمة الاممالمتحدة واليونسكو. فاليونسكو هي أول منظمة تابعة للأمم المتحدة يسعي الفلسطينيون للحصول علي عضوية كاملة بها، منذ أن تقدم الرئيس محمود عباس "أبومازن" بطلب الحصول علي عضوية كاملة في الاممالمتحدة في 23 سبتمبر الماضي، وحتي تصبح هذه العضوية فعلية، فعلي فلسطين أن توقع علي الميثاق التأسيسي لليونسكو الموجود لهذه الغاية في أرشيف حكومة المملكة المتحدة في لندن، وتصدق عليه وتقضي بقبول عضوية دولة في اليونسكو غير عضو في منظمة الاممالمتحدة وصدور توصية عن المجلس التنفيذي للمنظمة للحصول علي تأييد ثلثي عدد الدول الموجودة والمقترعة في المؤتمر العام، ومن هنا ستتيح العضوية لفلسطين تقديم طلبات اعتراف في مركز التراث العالمي، وسيمكن فلسطين من الدفاع عن تراثها التاريخي والثقافي وعن آثارها والاستفادة من كل البرامج التي تقدمها المنظمة الدولية. الفوز السياسي الدبلوماسي الذي حققه الجانب الفلسطيني العربي يأتي مستندا علي دعم غالبية الدول الافريقية ودول المؤتمر الاسلامي وأمريكا اللاتينية، فهل يستطيع الجانب الفلسطيني تحقيق نفس النصر في معركة مجلس الأمن لحسم قضية الحصول علي عضوية كاملة في الاممالمتحدة؟ خاصة ان التدخل الامريكي حال دون حصول طلب العضوية الكاملة لفلسطين في الاممالمتحدة حتي الآن منح فلسطين عضوية الاممالمتحدة، وكانت لجنة دراسة طلبات العضوية في مجلس الأمن قد خلصت إلي انها غير قادرة علي الخروج بتوصية موحدة في شأن طلب انضمام دولة فلسطين إلي منظمة الاممالمتحدة. إن نقاش الطلب الفلسطيني لا يعتبر المسعي الأخير بالنسبة للقيادة الفلسطينية للاعتراف بالدولة، وباستطاعة القيادة الفلسطينية فتح طلب نقاش مجدد عبر الجمعية العامة للامم المتحدة في حال اخفاقها في الحصول علي 9 أصوات في مجلس الأمن وهو العدد اللازم لقبول الطلب في حال عدم استخدام "الفيتو"، خاصة أن الجهد الامريكي المعاكس والتدخل الكبير سيحول دون حصول الفلسطينيين علي الاصوات التسعة في حال التصويت ضد الارادة الفلسطينية. إن الحجج والمواقف التي يتبناها المؤيدون لعضوية فلسطين أقوي بكثير من ذرائع المعارضين، وهناك ثماني دول حتي الآن تدعم بشكل واضح قبول فلسطين دائمة العضوية في الاممالمتحدة، وبقية الدول عدا الولاياتالمتحدة تتحفظ علي مواقفها، ولكن العقبة الاكبر التي ربما لا يتم تجاوزها هي اعلان ثلاث دول أعضاء في المجلس هي فرنسا وبريطانيا والبرتغال انها ستمتنع عن التصويت ومن المتوقع امتناع ألمانيا ايضا التي تحرص علي عدم اغضاب إسرائيل لاعتبارات تاريخية وبريطانيا التي انضمت لفرنسا في امتناعها عن التصويت مؤخرا وهي واحدة من بين 15 دولة عضوا في مجلس الأمن الذي يناقش ما إذا كان سيمنح الفلسطينيين عضوية كاملة في المنظمة الدولية أم لا، وتعتبر بريطانيا نفسها واحدة من الداعمين الرئيسيين لجهود بناء دولة للفلسطينيين ومساعدتهم علي مكافحة الفقر وبناء المؤسسات التي تعزز اقتصادهم. يعرف الفلسطينيون جيدا أن ذهابهم إلي مجلس الأمن لن يكون نزهة، وإنما معركة حامية الوطيس، وسيواصلون جهودهم جولة تلو الأخري من دون يأس حتي يكسبوا معركتهم، وتجري السلطة الفلسطينية مشاورات واتصالات واسعة النطاق مع جهات أوروبية في شأن مرحلة ما بعد التصويت في مجلس الأمن، إذ يسعي الجانب الفلسطيني لتجنيد تأييد الاتحاد الاوروبي إلي الخطوة التالية التي ستكون التوجه إلي الجمعية العامة للامم المتحدة للمطالبة بمنح فلسطين مكانة دولة مراقبة!!