خلافا لما تعتقده إسرائيل، فإن الأزمة بين أنقرة وتل أبيب تتجه نحو التصعيد والتدهور علي أكثر من صعيد، وهذا ما أكده المستشار السياسي للرئيس التركي "ارشاد هرمزلو" بالقول إن الإجراءات التي اتخذتها تركيا ردا علي تقرير بالمر حول مقتل 9 أتراك وجرح العشرات خلال الاعتداء الإسرائيلي علي أسطول الحرية في 31 مايو 2010 في عرض البحر المتوسط أولية. تركيا حذرت إسرائيل إذا استمرت في تعنتها، ورفضت الاعتذار الرسمي عن مقتل الاتراك التسعة، باتخاذإجراءات أكثر عزما وشدة، وبدأت بالفعل هذه الإجراءات بالاعتراض علي قانونية الحصار الذي تفرضه إسرائيل علي قطاع غزة وبدأت في اتخاذالإجراءات لمقاضاة الأخيرة علي مشروعية هذا الحصار وتدرس تقديم طلب أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي لنفس السبب، وهو أحد خمسة إجراءات للرد علي إسرائيل كانت قد أعلنتها أنقرة لفرض عقوبات، مقابل رفض إسرائيل تقديم اعتذارها التي تصر عليه تركيا. وفي اعتقاد العديد من المحللين أن التوتر القائم حاليا بين إسرائيل وتركيا، يمكن أن يتحول إلي مواجهة عسكرية بين سلاحي البحر في البلدين فتركيا تري أنه من غير المقبول أن تتصرف إسرائيل بهذا الشكل الفظ في المتوسط، وهذا ما لا يمكن أن تسمح به. وتوالت سلسلة الإجراءات التصعيدية التركية حينما قامت أنقرة بتعليق جميع اتفاقات التعاون العسكرية بين البلدين، ومن المعروف أن تركيا وإسرائيل وقعتا عام 1996 اتفاق تعاون يشمل جوانب عسكرية ومشاركة البلدان في مناورات عسكرية بحرية مشتركة. الاصرار التركي علي استخدام خطاب متشدد نحو إسرائيل، تجاوز مرحلة دغدغة المشاعر إلي مرحلة تبدو أكثر أهمية، وترسيخ مفهوم المحاسبة من قبل ما يسمي بالنظام الدولي الذي يجب أن يكون للجميع وصد هذا الجميع إسرائيل، وبات واضحا أن السياسة التركية تجاه إسرائيل في تغير متزايد منذ الهجوم الإسرائيلي علي أسطول الحرية الذي كان يحمل مساعدات إلي غزة فقامت تركيا باستدعاء السفير التركي من إسرائيل، ومنعت طائرات عسكرية إسرائيلية من استخدام المجال الجوي التركي، وبدأ تأزم العلاقة في تزايد منذ ذلك الحين في ظل اصرار تركيا اعتذار رسمي من إسرائيل. غير أنه من الصعب استيعاب الأرقام الكبيرة، حينما يتعلق الأمر بعقود التسليح والدفاع، فالتجارة العسكرية بين البلدين بحسب مصادر تركية عسكرية بلغت في مجملها قرابة 1،8 مليار دولار حتي عام ،2007 وإسرائيل تلي أمريكا كمصدر للتقنية العسكرية لتركيا ولأن الأزمة بين الطرفين في حالة تصاعدية، فإن ما خفي كان أعظم، إذا أن تركيا علي ما يبدو كانت تدرك نوع التحريض الذي تقوم به إسرائيل ضدها بهدف تخويفها لما تقوم به، لذا فإن تركيا قد احتاطت بوسائل الضغط الاسرائيلية، إذا ما تطرق الأمر للعقود العسكرية والدفاعية، فمثلا قد تلجأ تركيا إلي الغاء اتفاق يسمح لسلاح الجو الإسرائيلي بالتدريب والتحليق داخل المجال الجوي التركي، وقد بدأت بوادر هذا الأمر تظهر بالفعل فبعد أن فرضت تركيا مجموعة من العقوبات ضد إسرائيل بعد تقرير الأممالمتحدة تمثلت في طرد السفير الإسرائيلي وتعليق الاتفاقات العسكرية الثنائية، وطلب تدخل محكمة العدل الدولية للنظر في شرعية الحصار الذي تفرضه إسرائيل علي غزة، اتسعت دائرة خطواتها العقابية وأعلن رئيس الوزراء التركي عن تعليق شامل مكاملا للعلاقات العسكرية والتجارية بين البلدين وإن كانت تصريحات اردوغان لم توضح نطاق العقوبات التجارية التي تحدث عنها إلا أن مصادر قالت إن التعليق يشمل التجارة الثنائية في مجال صناعة الأسلحة وليس التجارة عموما، وهذا في حد ذاته أهم بكثير من التجارة العامة وبالذات بعد اتهام رئيس الوزراء التركي إسرائيل بأنها تفتقر إلي "مبادئ الأخلاق التجارية" في الصفقات العسكرية بين البلدين.