انشغل العالم العربي والإسلامي بربيع التغيير، ولم يعد هناك من يهتم بما يحدث خارج الحدود من أحداث وقضايا قد تكون ذات صلة بنا وتأثير بالغ علينا. وأهدرنا فرصة ثمينة في مواجهة حملات الغرب المستمرة للصق تهمة الإرهاب بالإسلام والمسلمين. فما حدث في النرويج في الحادثين الإرهابيين اللذين راح ضحيتهما 67 قتيلا كان دليلا علي أن الإرهاب صناعة غربية وأن الإرهاب لا وطن ولا دين له. فالإرهابي أندرس بيرنج برنيك ليس إرهابيا عاديا، بل هو أحد المفكرين النرويجيين الذين قاموا بدراسة الإسلام دراسة عميقة وله دراسة في 1500 صفحة عن الجماعات الإسلامية وبصفة خاصة فكر الإمام حسن البنا. وقد بلغ به حقده علي الإسلام وخوفه منه أن يقوم بعمل دموي متطرف معتقدا أنه بهذه الوسيلة سوف يجذب أنظار أوروبا إلي الخطر الإسلامي الوشيك أو باعتقاده أنه سيكون في مقدوره الافلات بجريمته وإلصاق التهمة بالمسلمين، وهو أمر وخطأ وقعت فيه بالفعل بعض الصحف العربية مثل صحيفة "الرياض" السعودية التي سارعت بنسبة العمل التفجيري إلي متطرفين إسلاميين. ولأننا نجيد فن إهدار الفرصة فإننا لم نتحرك بفاعلية لشرح أبعاد العمل الدموي الذي قام به الإرهابي النرويجي ولم نقم بإدانة هذا العمل بقوة، ولم نعقد الندوات والمؤتمرات التي تدين العنف والتطرف أيا كان مصدره، ولم نوضح أيضا في كل العواصم العربية كيف يقف الإسلام ضد أعمال العنف والقتل وكيف يدعو الإسلام إلي الرحمة والتراحم والمودة والإخاء بين كل الشعوب. لقد جاءتنا الفرصة التي كان لابد من استثمارها ردا علي كل ما فعلوه بنا طوال العقود الماضية من محاولة لصق تهمة الإرهاب بالعرب والمسلمين وكأن الغرب لا يعاني أيضا من وجود جماعات عنصرية متطرفة تمثل الخطر كله علي دول أوروبا قبل أن تكون خطرا علي العرب والمسلمين. إننا أمام متطرفين جدد في أوروبا يمثلون أحزابا دينية بالغة التطرف وهؤلاء يعتقدون أن الإسلام هو الخطر الأكبر علي أوروبا، ولا يستبعد أن يقوم اتباع هذه الجماعات بأعمال اجرامية وارهابية ضد المسلمين المقيمين في هذه الدول فقد أعماهم الحقد والتطرف عن رؤية الحقيقة ولا مانع لديهم من أن يقتلوا مواطنيهم أيضا كما حدث في النرويج، فهم لا يبحثون إلا عن إثبات وجهة نظرهم حتي إن كان ذلك علي حساب أوطانهم.