تعليقا علي الأوضاع الجارية في مصر، واستمرار الاعتصامات في ميدان التحرير وخروج شبه مظاهرة مليونية من منطقة بولاق الدكرور الشعبية إلي ميدان التحرير أمس، والاعلان عن مليونيتين اليوم وغدا، أصدر المجلس العسكري بيانا أمس وضع فيه النقاط علي الحروف، وكان في مجمله تأكيدا علي الأهداف والمبادئ التي وضعها المجلس منذ بيانه الأول، ولم يكن به جديد يلبي طموحات ومطالب المعتصمين في ميدان التحرير، بل عدم تخليه عن دوره في إدارة شئون البلاد في الفترة الانتقالية علي النحو الذي عبر عنه الشعب المصري وتمثل في نتائج الاستفتاء والتي تتضمن إجراء انتخابات تشريعية واعداد دستور وتسليم البلاد للسلطة المدنية. وأعلن بياان المجلس العسكري، الذي تلاه اللواء محسن الفنجري مساعد وزير الدفاع عضو المجلس الأعلي للقوات المسلحة عن دعمه لرئيس مجلس الوزراء عصام شرف للقيام بجميع الصلاحيات المنصوص عليها في الإعلان الدستوري، وبكل القوانين الأخري. وشدد علي استمراره في سياسة الحوار مع شباب الثورة وجميع الأطياف السياسية لتلبية مطالبهم، بالاضافة إلي إعداد وثيقة مبادئ حاكمة لاختيار الجمعية التأسيسية متفق عليها من قبل الجميع لصياغة دستور جديد للبلاد ورفض المجلس في بيانه انحراف البعض من خلال تنظيم تظاهرات تحيد عن النهج السلمي وتضر بمصالح المواطنين، وتعطل مرافق الدولة. وفي نفس السياق، جدد رفضه لتداول الشائعات والأخبار المغلوطة التي تزعزع الاستقرار، وتغليب البعض لمصالحهم الخاصة "المحدودة" علي مصالح الوطن. ودعا المجلس في بيانه أيضا المواطنين "الشرفاء" إلي الوقوف في وجه كل المظاهر التي تعيق الحياة الطبيعية للشعب، مجددا تصديه لكل من يحاول القبض علي السلطة أو تجاوز الشرعية في إطار حفاظه علي الثوابت الوطنية والشرعية الدستورية، وبما يحفظ الوطن من المخاطر. والسلبيات التي أراها في هذا البيان الحاسم، هي اللهجة القوية المغلفة بالوعيد، والتي تدل علي بدء نفاد صبر المجلس العسكري، وهذا غير مقبول في هذا التوقيت الساخن، ووجود الآلاف تحت شمس يوليو الحارقة في ميدان التحرير وفي السويس والاسكندرية، لأن المجلس في النهاية يخاطب شباب الثورة الذين لم تعد تفلح معهم تلك الكلمات الحازمة الحاسمة ولاسيما أن المجلس لم يطمئن المعتصمين بإلغاء احالة المدنيين إلي محكمة عسكرية. كما أن البيان العسكري لم يفصح عن كيفية ومدي الدعم الذي سيقدمه للدكتور عصام شرف رئيس الوزراء، ولاسيما أن هناك شعورا عاما بأن العسكر يتحكمون في قرارات شرف حتي ظهر أحيانا وكأنه موظف كبير لدي العسكريين وكان من الأولي للمجلس العسكري أن يدعم بيان شرف أمس، وعدم تدخله في اختيار الوزراء والمحافظين المرتقب اختيارهم خلال أيام. وأيضا لم يكشف بيان المجلس العسكري عن رأيه في بطء محاكمات رموز النظام السابق، خاصة المتهمين بإطلاق الرصاص علي المتظاهرين، وعدم علانية محاكماتهم، وهي القضية التي تسببت في كل القلاقل الحالية وعدم الاستقرار، ولاسيما أن هناك شعوراً باطنياً وغير معلن وبلا دليل، يتهم المجلس العسكري بالتعاطف مع الرئيس المخلوع باعتباره من قادة القوات المسلحة، ولاسيما وأن هناك تلكؤاً في نقله إلي مستشفي سجن طرة حتي الآن أو حتي مجرد ظهوره في محبسه. ولكن من إيجابيات البيان تصميمه علي مساندة مطالب الثوار، واستمرار انحيازه للثورة، وأيضا اتخاذه الحوار وسيلة للتواصل مع الشباب والقوي الوطنية، بالاضافة إلي دعمه الكامل لحرية الرأي والتعبير دون التلويح بالعصا العسكرية. ويعد الإعلان عن إعداد وثيقة مبادئ حاكمة لاختيار الجمعية التأسيسة متفق عليها من قبل الجميع لصياغة دستور جديد للبلاد هو الجديد والإيجابية الأبرز في البيان العسكري والذي سيحسم الكثير من القضايا الخلافية المثارة حاليا والتي تعطي البعض ذريعة لإثارة القلاقل والضرب تحت الحزام بل والصيد في الماء العكر وللحديث بقية حمدي البصير elbasser2yahoo.com