أتمني أن يبدأ الموسم السياحي الصيفي الحالي بنشاط أكبر، ولاسيما بعد زوال حالة الانفلات الأمني تقريبا، وعودة الشرطة بكامل قوتها إلي الشارع المصري، وتأمين الجيش للمنشآت السياحية الحيوية، ولاسيما أن الموسم الحالي يعتمد علي السياحة العربية، كما أن الأخوة العرب يعشقون التجول في الشوارع المصرية ويعرفون معظم الأماكن السياحية في القاهرةوالإسكندرية وشرم الشيخ، ومن هنا لابد من توفير الأمن والأمان في كل شبر من أراضي المحروسة. كما أن موسم الصيف هو موسم تنشيط السياحة الداخلية، وعادة ما نجد كل شواطئ مصر مزدحمة في مثل هذا الوقت من كل عام، الذي تبدأ فيه المصايف، ولاسيما بعد امتحانات الثانوية العامة، والتي ستنتهي الأسبوع القادم، وعادة لانجد في شهور الصيف مواطئا لقدم في الإسكندرية ومرسي مطروح وشرم الشيخ، وأيضا في مصايف بلطيم ورأس البر وجمصة، وذلك من أواخر يونيو وحتي أوائل سبتمبر من كل عام. وكان من الطبيعي بعد ثورة يناير أن تتراجع السياحة الخارجية، عقب مرحلة عدم الاستقرار التي مرت بنا في الشهور الماضية، ولكن كنت أتمني أن يكون هناك نشاط أكبر في السياحة الداخلية، ولاسيما في موسم الصيف الحالي، خاصة في وجود قري سياحية وغرف في فنادق شبه خالية، ولكن هناك من يفكر بعقلية رجعية في الاستثمار والجذب السياحي، لا علي المستوي الحكومي فحسب ولكن في القطاع الخاص أيضا، فهؤلاء لم يشعروا بثورة يناير وتأثيراتها، لا علي مستوي التفكير، ولا علي مستوي اتخاذ القرار وقراءة الواقع الذي خلفته الثورة. فعلي سبيل المثال طلبت من زميلي في قسم السياحة بالجريدة، الأستاذ محمد قنديل، المشاركة في تنظيم مصيفي لزملائي أعضاء اللجنة النقابية للعاملين في جريدة "العالم اليوم" بأسعار معقولة، علي أن يراعي التكلفة الاقتصادية، وظروف بعض زملائي المادية، وبعد عشرات الاتصالات أعطاني قنديل تليفون مديرة في إحدي الشركات السياحية، لكي اتفاوض معها من أجل ترتيب مصيف مناسب لزملائي. ورغم أن مديرة أو مندوبة الشركة علمت جيدا أنني رئيس اللجنة النقابية في جريدتي، وأنني أسعي إلي تقديم خدمة لزملائي، خاصة ممن لا يقدرون علي تحمل تكلفة المصيف، إلا أنها صدمتني عندما قالت لي إن المصيف سيكون في برج العرب بالإسكندرية، وستتكلف الليلة الواحدة في غرفة ذات سريرين ألف ومائة جنيه، بخلاف المواصلات، أي أن بحسبة بسيطة، سيتكلف الفرد الواحد من زملائي في أسبوع المصيف حوالي خمسة آلاف جنيه، في غرفة مزدوجة، في الوقت الذي كنت "أحلم" أن تكون تكلفة المصيف للزميل الواحد حوالي خمسمائة جنيه. بالطبع لو فكرت أن أنظم لزملائي رحلة إلي تركيا أو قبرص أو حتي لتايلاند وماليزيا، لن تكون بتلك التكلفة، رغم ارتفاع أسعار تذاكر الطيران، أما في مصر، ورغم خلو الفنادق من النزلاء، والركود في حركة السياحة بصفة عامة، نجد مصيفاً في برج العرب، وليس في مارينا أو الغردقة أو في إحدي قري حسين سالم الخيالية بشرم الشيخ، يتكلف خمسة آلاف جنيه في أسبوع. وبالطبع الارتفاع المبالغ فيه في أسعار الغرف بالقري السياحية الفاخرة، رغم الركود السياحي هو غباء اقتصادي، والتعامل بازدواجية والتفريق بين السائح الأجنبي والمواطن المصري في أسعار الغرف السياحية، وتحميل ابن البلد بأسعار مزدوجة، يسمي عقدة الخواجة، وحصول المستثمرين السياحيين علي أراضي الدولة برخص التراب، وبناء منتجعات فاخرة عليها، والتي لا يجرؤ المواطن دخولها بسبب تكاليف المعيشة الباهظة، بالإضافة إلي تفضيل السائح الأجنبي عليه، هي خيانة وطنية. وللحديث بقية