ويتكرر المشهد الذي تصور المصريون الطيبون ألا يتكرر مرة أخري! العمالة المصرية تهرب هذه المرة من جحيم القذافي! سبق للمصريين ان نزحوا من الخليج بعد أن عمروا وبنوا وقدموا اجمل أيام العمر في خدمة "الاشقاء" تحت لفح الشمس والمعاملة اللاإنسانية أحيانا، وتفضيل الآخرين عربا وخواجات علي المصري سواء أكان عاملا أم خبيرا لا يقل عن مثيله الأمريكي أو الأوربي.. لا لشيء إلا لأنه مصري! حدث ذلك علي خلفية تباين في الرؤي السياسية والمواقف التي افترق فيها الملوك والأمراء مع القيادة المصرية! تكرر المشهد بعيدا عن الممالك والامارات في نظم جمهورية كان لمصر الفضل في مساندتها! وتجلي المشهد في شكل تراجيدي بشع حين لم يكتفِ النظام العراقي في ترحيل المصريين أحياء، فأرسلهم في نعوش بالمئات ثم بالآلاف، وفي مرحلة تالية اختار الحل الأسهل: أن يحتسب أهل المصري الذي خدم العراق باخلاص أحلي سنوات العمل بين المفقودين أو الشهداء، كل حسب ما يريحه!! لا أعرف كم مرة تكرر المشهد، لكنه حدث كثيرا، وربما كان التسامح أو الحاجة، أو كلاهما، وراء خروج المصري للعمل لدي الاشقاء، ولا سامح الله "المحتل الوطني" الذي دفعه دفعا للخروج من المحروسة بحثا عن لقمة العيش! اليوم يتكرر المشهد بما يفوق، في فظاعته، ملامح المشاهد السابقة، فإذا كان القذافي وابناؤه يهددون باحراق أهل ليبيا، فهل يمكن الرهان علي أن يحافظوا علي أرواح المصريين الذين خدموا ليبيا باخلاص؟! اتهام العمالة المصرية بالتورط في احداث الثورة الشعبية علي نظام تعفن علي مدي أكثر من 4 عقود، جعل الفرار دون مال أو عتاد منتهي الأمل لمن قضي سنوات يعمل ولا يتسلم مستحقاته بانتظام مع وجود العديد من المحاذير في عمليات التحويل لليسير ممن بذل العرق والجهد دون أن يلقي التقدير الكافي! والآن.. هل يكون مشهد العائدين من شباب ورجال مصر من ليبيا التي تحولت إلي جحيم هو الفصل الأخير من تراجيديا العمالة المصرية في بلاد الاشقاء؟!