أعلنت لجنة رئاسية مالية خاصة عن خطة شاملة ومثيرة للجدل جاءت بمثابة إنذار بأن "لحظة الحسم" قد حانت بالنسبة لتخفيض العجز المالي الأمريكي المزمن وإبطاء نمو الدين العام. وتنص الخطة المقترحة علي إجراء تخفيضات كبري في الإنفاق الدفاعي وغيره من النفقات الحكومية وإلغاء الإعفاءات والتخفيضات الضريبية المرغوبة شعبيا وزيادة في الضرائب التي يدفعها كثير من العاملين الأمريكيين في البرامج الاجتماعية. ومن شأن تدابير الخطة أن تعمل في حال الموافقة عليها وإقرارها علي توفير نحو 4 تريليونات دولار في الميزانية وتحافظ علي الدين العام أقل قليلا من نسبته الحالية البالغة 62% من إجمالي الناتج القومي. وأعرب بعض قادة الكونجرس ومسئولي البيت الأبيض عن تأييدهم لبعض الأجزاء الرئيسية في الخطة وفي مقترحاتهم الخاصة للميزانية لكن تدابير تخفيض العجز ستواجه معارضة من الجانبين اليميني واليساري من الناخبين. وتنبع المعارضة من أن هذه التدابير سوف تتطلب مزيدا من التقشف الذي سيؤثر علي حياة الكثيرين من الأمريكيين إن لم يؤثر علي معيشتهم جميعا ولأنها تحد من سلطة الحكومة. ولذا فإن الخطة أو أجزاء منها قد لا تري النور وتصبح قانونا ساريا في المستقبل المنظور علي الأقل. ويقول الاقتصاديون إن الولاياتالمتحدة لا تواجه علي المدي القصير خطر أزمة مالية علي غرار المشاكل المالية التي عانت منها كل من اليونان وأيرلندا ففي السنة المالية التي انتهت في 30 سبتمبر الماضي تجاوز عجز الميزانية 1،3 تريليون دولار وهو مبلغ يمثل 9% من إجمالي الناتج القومي وهو ثاني أكبر عجز تواجهه البلاد منذ 65 عاما. وقال ألان أوارباتش أستاذ الاقتصاد في جامعة كاليفورنيا ببيركلي في صحيفة نيويورك تايمز إن خطط تخفيض العجز الحالية تستمد التوفير في الميزانية من مزيج من تخفيضات الإنفاق والزيادات الضريبية مع منح كل منها وزنا مختلفا لأنه لا توجد من وجهة النظر الاقتصادية صيغة معادلة تشمل أفضل تركيبة من الاثنين. وينادي كثير من الاقتصاديين بأن وضع الخطة سيعزز ثقة المستهلكين والمستثمرين ومديري الشركات في المدي القصير، ويقول بعض الاقتصاديين إن معدلات الفائدة والأرباح المنخفضة الناجمة عن كفاءة التدابير التقشفية علي المدي القصير ستؤدي إلي نمو اقتصادي أسرع. ويري الاقتصاديون أن هذه الخطة تشبه تلك التدابير التقشفية التي اتخذتها الولاياتالمتحدة في الثمانينيات وقد اشتملت آنذاك علي كثير من التدابير المشابهة المقترحة اليوم مثل الزيادة التدريجية في سن التقاعد وإلغاء بعض الإعفاءات الضريبية ووضع حد أعلي للإنفاق الحكومي وضبط أشد للميزانية وكانت نتيجة ذلك أن عجز الميزانية انخفض انخفاضا حادا بحلول عام 1997 ثم زال كليا وانتهي إلي الصفر في عام 2000 بفضل الطفرة الاقتصادية. مصطفي عبدالعزيز