جيهان فوزي فيما عكست ردود الفعل الإسرائيلية علي إعلان واشنطن توصلها إلي قناعة مفادها أن تمديد إسرائيل فترة تجميد الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة لن يوفر القاعدة المطلوبة لاستئناف المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، ارتياحا إسرائيليا، فإن الاتحاد الأوروبي عكس موقفه رد فعل مغاير إذ أعربت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاترين اشتون عن انزعاجها لرفض إسرائيل التجميد المؤقت للاستيطان في الضفة الغربية مؤكدة أنه غير شرعي ويتعارض مع جهود السلام في المنطقة، كما حذر رؤساء بعثات دول الاتحاد الأوروبي في القدسالمحتلة من أن سياسة إسرائيل في المدينة المقدسة تهدد بشكل خطير فرص التوصل إلي تسوية إسرائيلية في المدينة المقدسة تهدد بشكل خطير فرص التوصل إلي تسوية إسرائيلية فلسطينية علي أساس حل الدولتين. ويبدو أن الاتحاد الأوروبي ضاق ذرعا مما تخترعه إسرائيل من حجج وأسباب تصب في النهاية في مصلحة رفض التجميد في البناء الاستيطاني في القدسالمحتلة والضفة الغربية كما تطمح الإدارة الأمريكية، وانتقلت العدوي إلي دول أمريكا اللاتينية، فقد أظهر إعلان الأرجنتين والبرازيل الاعتراف بدولة فلسطينية علي أساس حدود ما قبل حرب عام 1967 تأكيدا دوليا بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم كما أكدت أيضا رفض هذه الدول للحجج الإسرائيلية المتعاقبة لتعطيل مسيرة السلام والصاق فشل المفاوضات بالجانب الفلسطيني، وفي تطور لاحق فقد أعلنت فرنسا عضو الاتحاد الأوروبي أن مبدأ الاعتراف بالدولة الفلسطينية قائم عبر إعلان برلين الصادر عام 1999. لقد بدأ هذا التحرك الدولي يقلق إسرائيل التي انتقدت بشدة موقف الارجنتين والبرازيل لإعلانهما الاعتراف بدولة فلسطينية علي أساس حدود ما قبل عام 1967 واعتبرت ذلك تدخلا مضرا للغاية من جانب دول لم تكن طرفا في عملية السلام بالشرق الأوسط وقد بدأت حكومة تل أبيب في ممارسة ضغوطها وإرهابها المعهود وحذرت أي دولة تسلك نفس السبيل من أنها تخاطر باثارة مزيد من التشويش في شأن إمكانات السلام. فإسرائيل تعارض المطالب الفلسطينية باستعادة جميع أراضي الضفة الغربيةوالقدسالشرقية التي احتلت في حرب 1967. يتزامن هذا التطور علي الصعيد الدولي من القضية الفلسطينية في الوقت الذي فاجأت فيه الولاياتالمتحدة العالم بإعلانها تخليها عن المطالبة من إسرائيل بتجميد الاستيطان كأساس للعودة إلي المفاوضات المباشرة، ويعكس ذلك عملية إعادة رسم أولويات إدارة الرئيس باراك أوباما بعد انتخابات الكونجرس والتركيز علي القضايا الأكثر إلحاحا، وتبني نهج أقل سخونة في عملية السلام، إذ تشير مصادر موثوقة إلي أن وزارة الخارجية الأمريكية والبيت الأبيض يهمان بمراجعة داخلية شاملة في شأن الخيارات البديلة للدفع بعملية السلام، كما يعكس هذا الإعلان انهيار المفاوضات التي بدأت الصيف الماضي بين إدارة أوباما وحكومة بنيامين نتنياهو لوقف الاستيطان لمدة ثلاثة أشهر في مقابل رزمة مساعدات وضمانات أمنية وسياسية لإسرائيل، ويرجح أن تكون تعقيدات الوضع الداخلي والخارجي أمام أوباما وراء هذا التراجع، فهناك حالة ارتباك داخلي في الإدارة الأمريكية في شأن استراتيجية عملية السلام وافتقار الهيكلة للمضي قدما نحو إنجاز ملف السلام الذي تبنته واشنطن. طبيعي أن يعكس القرار الأمريكي ارتياحا كبيرا لدي إسرائيل ونتنياهو أيضا الذي يعتبر نفسه قد نجح في مسعاه بألا تحمل الإدارة الأمريكية إسرائيل المسئولية عن تعثر جهود استئناف المفاوضات كما أنه مرتاح لمستوي التنسيق القائم بين إسرائيل والولاياتالمتحدة. لذا فإن الجانب الفلسطيني وجد في هذا الإعلام رغم خيبة الأمل التي أصابته تجديدا للموقف الرئاسي الذي أكده عباس غير مرة والقاضي بعدم استئناف المفاوضات المباشرة مع إسرائيل في حال تواصل الاستيطان، وبالنسبة للبدائل فإن الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية واحد من بين خمسة أو ستة خيارات تدرسها حكومته في حال فشل المفاوضات، غير أن خيار حل السلطة الفلسطينية غير وارد، وكان من الطبيعي أن يلاقي خيار الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية زخما جديدا داخل القيادة الفلسطينية، ودعما كبيرا لها حتي لو كان معنويا في هذه المرحلة، خاصة أن معظم دول العالم قد تجاهلت إعلان الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات قيام دولة فلسطينية عام 1988 والآن وفي ضوء هذه التشابكات السياسية، والمراوغة الإسرائيلية فإن دول كثيرة أصبحت مؤمنة بأنه قد حان الوقت للاعتراف بفلسطين دولة مستقلة وحرة، خاصة أن مبدأ الاعتراف بالدولة الفلسطينية قائم عبر إعلان برلين الأوروبي الصادر عام ،1999 ومن هذا المنظور ينبغي اليوم العمل علي استئناف سريع للمفاوضات تشمل كل عناصر الوضع النهائي وتحدد معالم الدولة وتسمح بإنشائها.