مفيد فوزي كانت "أم رباب" تجر وراءها حفنة من العيال أعمارهم تتراوح بين خمس سنوات واثنتي عشرة سنة. وكان المشهد أمام باب محل بقالة في حي دار السلام وسألتها ماذا تعمل فقالت إنها عاملة نظافة في مدرسة خاصة للأطفال وزوجها سائق ميكروباص بذراع واحدة لأن الذراع الثانية فقدها في حادث(!) قالت إنها تعيش في "أوضة وصالة" ولما سألتها عن الدخل الشهري لعائلة مكونة من 9 أفراد قالت "مايكملوش ربعميت جنيه" وهمست في أذني أنها تعتمد علي أولياء الأمور الذين يمنحونها بقشيشا نظير الاهتمام بأطفالهم عندما يذهبون لدورات المياه!! قالت لي إن زوجها السواق يعمل يومين وبقية الأسبوع علي القهوة "بيشيش"! واعترفت لي أن الانيميا أصابتها "بعد خلفتها الولد السابع". سألتها إذا كانت قد سمعت عن "تنظيم الأسرة" فقالت "تبع ايه دي"؟. سألتها إذا كان زوجها يعرف القراءة والكتابة، فقالت "يعرف الشيشة بس". سألتها إذا كانت تعرف خطورة انجاب العيال علي صحتها فقالت "الراجل ما بيرحمش" و..سألتها إذا كانت تفهم الدخل القليل مع عدد من العيال كبير فقالت "لهم رب". سألتها إذا علمت من التليفزيون أهمية الانجاب المحدود فقالت "التليفزيون للمسلسل" د.وسرحت في مهمة السفيرة د.مشيرة خطاب والعبء الثقيل الملقي علي كتفيها النحيلتين! في تقديري أنها تعمل وحدها في وزارتها الوليدة وينطبق عليها المثل العامي: "الشاطرة تغزل برجل حمار" وأعتقد أن الوزارات الأخري تساعدها مساعدات صورية أي "سد خانة". وإذا كان رئيس مصر يري أن القضية السكانية هي "أم القضايا" فالأمل في مجلس أعلي للسكان يرأسه رئيس الدولة من أجل فاعليته العملية ويضم وزراء الصحة والأوقاف والتعليم والاعلام ويضع خطة هجوم شامل ليغير ثقافة المجتمع نحو فكرة "لنكن أقل عددا وأسعد حالا". إنها قضية معنوية وتحتاج لمتابعة وملاحقة وحلولا غير تقليدية لابد من اقتحام منظم يواجه التفكير العشوائي الذي تجسده الخالة أم رباب. لابد أن تنشط ثقافة البحث الاجتماعي والدراسات الحريئة.. لابد أن نفهم دواعي "الجنس" عند طبقات المجتمع.. لابد أن نلعب علي أوتار الدين لنحقق الهدف المنشود في وقت قصير. اننا يا سادة نتزايد والرقعة الزراعية تتناقص.. إن بعض ائمة المساجد وكذلك بعض وعاظ الكنائس يروجون ضد ثقافة "الطفلين".. هناك فلسفة شائعة أن "العيال عزوة"! جميل أن تقيم السفيرة النشطة ورش مناقشة للقضايا السكانية، فهي تذكٍّر المجتمع بالقضية المثارة، ولكن.. مجلس أعلي للسكان مسئول أمام رئيس الدولة عن تسييد ثقافة انجاب طفلين علي الأكثر.. لابد من الجدية غير المسبوقة في عام 2011 للاقتحام الجسور لقضية قضايا مصر.. اقتحام أبعد من النيات الطيبة وليت مجلس الشعب الجديد يعي وزن القضية.