أطلق الحزب الوطني الحاكم برنامجا انتخابيا ذكيا يحمل شعارا بالعامية المصرية : علشان تطمن علي مستقبل ولادك.. لمس شعار الحزب وترا حساسا للغاية عند الناس في مصر اذ أن حواراتهم تدور باستمرار حول مستقبل أولادهم وفرصهم في التعلم وايجاد عمل وسكن وتكوين أسرة ، بينما يبدو المستقبل غامضا بفعل الدعاية المناهضة للحكومة . وصلت الدعاية المضادة لحكومة الحزب الي مرحلة متقدمة ، في ظل سياسة حرية التعبير ، جعلت الناس يعيشون في مناخ ضبابي يعجزون فيه عن رؤية مستقبل أبنائهم ، وربما وصل بهم الحال الي فقد أي أمل في أن يكون لأبنائهم فرصة وسط ما أشيع عن تفشي الفساد والمحسوبية وافتقاد المساواة بين المواطنين في الفرص المتاحة أمامهم لتحسين أحوالهم . يبدو من تواتر فعاليات المهرجان الانتخابي لعام 2010 أن الحزب الحاكم يأخذ الموضوع بمزيد من الجدية ، لم تنجح محاولات بعض القوي السياسية في فرض أسلوبها علي المهرجان الانتخابي باعلان المقاطعة تارة ، أو بتصدير اتهامات مبكرة للحكومة بالتزوير الحتمي للانتخابات ، أو المطالبة باشراف خارجي عليها ، وأخيرا بزعم أن الاشراف القضائي علي مراحل أوخطوات العملية الانتخابية منقوص . كل تلك المزاعم من وجهة نظري ما هي الا مبررات للانسحاب من الساحة السياسية في الوقت الذي لا يجب فيه الانسحاب ، لست أدري حقيقة ما هي فائدة أي كيان سياسي يزعم أنه يتصدي للخدمة العامة يأتي وقت الانتخابات فيخرج الي فاصل ويعلن أنه منسحب من الانتخابات ، ثم يعاود نشاطه بعد الانتخابات !! لكي نكون منصفين يجب أن نقرر أن الجدية التي لزمها الحزب الحاكم واصراره عليها دفعت قي أخري مثل حزب الوفد المعارض الي البحث عن صيغ علمية لتطوير نفسه وتغيرت لغة خطابه السياسي لتصبح أكثر واقعية ومناسبة لحزب معارض وليس لقوي مناهضة للنظام السياسي من اساسه . ربما لا يعجب هذا الكلام بعض الناس الذين يخلطون بين نتائج تطبيق السياسات العامة وبين صحة وسلامة المنهج الذي تستند اليه ، يري هؤلاء الناس أن العبرة بالنتائج دون النظر في طريقة أو أسلوب التنفيذ وأثر ذلك علي كيان البلد بكاملها . علي سبيل المثال يري البعض ، ونحن نتفق معه ، أن مستوي الأجور أصبح لا يلاحق النمو الكبير في الأسعار ، وأن اعالة أسرة في الطبقة المتوسطة أصبح محفوفا بمشقة بالغة ، لكننا قد نختلف في طريقة معالجة المشكلة ، ربما يري البعض أن الطريقة لا تعنيه وانما ما يعنيه هو زيادة أجره لتوفير سيولة كافية للوفاء باحتياجات أسرته ، لكنه لا يلتفت الي أن توفير السيولة شيء ، وتوفير السيولة الكافية شيء آخر ، السيولة غير الناتجة عن موارد حقيقية هي أشبه بماء البحر المالح لا يروي الظمأ أبدا لكنه يزيد الشراهة الي الماء ويؤدي الي الموت عطشا والعياذ بالله .