لا ذنب لدول الخليج في تشابه القاعدة الانتاجية التي تعتمد علي اقتصادات النفط والغاز، فمن الطبيعي أن تسعي لاستثمار ما حباها الله به من ثروات في تنمية تجارتها الدولية، أو بالاتجاه لصناعة البتروكيماويات بأنواعها و... و... ولكن يجب ألا يخفي عن انظار القائمين علي الأمور في عواصم الخليج أن احدي العقبات التي تؤثر علي الاندماج الاقتصادي فيما بينها وتحت رايات مجلس التعاون إنما تعود إلي تشابه القاعدة الانتاجية، وتماثل معظم مدخلات الصناعة بين اعضائه، مما قاد بالتبعية إلي تشابه كبير في المنتجات الطبيعية والمصنعة علي السواء ومن ثم حدوث ازدواجية وتنافس بدلا من التكامل. المنطق السليم كان يجب أن يقود إلي استيعاب الدرس، وحين يتعلق الأمر بقرارات تستشرف المستقبل، فإن عبر الماضي والحاضر لابد أن تكون ماثلة، خاصة عندما تكون المسألة مرتبطة بما يمكن التنسيق فيه بدلا من إعادة انتاج الازدواجية والتنافس ومن ثم تكريسهما عوضا عن التعاون والتكامل! وإذا كان من المشروع أن تطمح دول خليجية إلي لعب أدوار مؤثرة بعيدا عن تجارة وصناعة النفط والتطلع إلي التحول لمراكز للمعرفة وأنشطة الخدمات خاصة المالية، فإن السؤال الذي يفرض نفسه هنا: لماذا لا يكون ذلك التوجه نتاج تفكير وتخطيط وتحرك خليجي جماعي، بدلا من المبادرات القطرية المنفردة التي تقود إلي الازدواجية والتنافس أو بالدقة تعمل علي تكريسه مرة أخري؟! دبي تسبق، الدوحة تدخل المضمار، المنامة لا تتخلف عن الركب، غير أن خطوات الثلاثه تعني في النهاية ايجاد ازدواجية وتنافس، كان يمكن أن تتحول إلي تكامل لو تبلورت إرادة خليجية واعية تقوم علي توزيع الأدوار وليس تخاطفها! ثم إن أصحاب المبادرات الثلاث مازالت تفصلهم مسافة ليست بالقليلة عن المستويات العالمية، وربما كان الأمر يختلف لو كانت تلك الجهود تعبيرا مقصودا عن خطة اقليمية تؤسس لسوق قادرة علي المنافسة العالمية. تواضع حجم الاقتصادات القطرية يقف حائلا دون التقدم السريع لانجاز طموح دبي أو الدوحة أو المنامة، لكن تعديل المسار علي أساس اقليمي يوظف امكانات وقدرات المنطقة ككل يعني التوصل إلي نتائج أقوي وبشكل أسرع وأكثر قدرة علي فرض ملامح مختلفة اعتمادا علي توحيد الجهد، أو علي الأقل تنسيقه بدلا من الاصرار علي منافسة تخصم من فرص الجميع!