الايكونوميست: المشاحنات المسيطرة علي مفاوضات تحديد ميزانية الاتحاد الأوروبي عام 2011 قد تتحول لأزمة! إعداد عبداللطيف الحنفي: لقد صار شيئا مألوفا لكل اب ان يمارس ابناؤه المراهقون عادتهم المثيرة للغضب بطلب النقود منه في اوقات غير مناسبة ودون وضع ظروف الاسرة المالية في الاعتبار كذلك فإن كل المراهقين تحت العشرين يحلمون بان يكون لهم دخلهم الخاص وحبذا لو حصلوا عليه من دون جهد مقابل، وتلك كما تقول مجلة "الايكونوميست" هي بالضبط حالة العلاقات بين الحكومات الوطنية وبين المؤسسات الاوروبية وهم يتفاوضون معا حول ميزانية الاتحاد الاوروبي عام 2011 وما بعدها، انها حالة تشبه المشاحنات العائلية حول النقود. صحيح ان بعض اجزاء الاتحاد الاوروبي اصبح لديها من النضج ما يكفي لان تدرك ولو نظريا علي الاقل انه لم تعد هناك في الجعبة نقود كثيرة، فالمفوضية الاوروبية وموظفو الاتحاد الاوروبي يدافعون بحماس عن التقشف بل وتريد المفوضية الاوروبية ان تكون لديها السلطة التي تمكنها من فرض غرامات كبيرة علي البلدان التي تسرف في الانفاق ومع ذلك فإن المفوضية لم تتورع عن التصرف كما يتصرف المراهنون إزاء نقود أسرهم حيث طلبت زيادة اسمية في ميزانية الاتحاد الأوروبي للعام القادم 2011 تناهز 9.5% وهو ما أصاب الحكومات الوطنية بالصدمة. وترجع صدمة تلك الحكومات الي ان طلب الزيادة يأتي في وقت يتجه فيه الجميع تقريبا الي خفض الانفاق العام والحد من تزايد العجز المالي ويواجهون في سبيل تحقيق هذا الهدف ما نراه جاريا من اضرابات عمالية وأعمال احتجاجية، ويريد كثيرون علي أية حال تجميد ميزانية الاتحاد الاوروبي تماما ولكن بعض الحكومات الاكثر تسامحا والتي قد تكون لها مصلحة في ذلك قبلت حلا وسطا يقضي بزيادة موازنة العام القادم 9.2% عن موازنة العام الحالي، وقد كان من المفترض ان ذلك يكفي ويزيد ولكن البرلمان الاوروبي له رأي مختلف فلجنة الميزانية التابعة لهذا البرلمان قررت التمسك بطلب المفوضية السابق داعية الي ان تكون الزيادة 9.5% الي جانب مطالب اخري تنطوي علي مبالغة فهي لا تكتفي بالزيادة الكبيرة التي يعتبرها البعض قيدا علي ارادته وهي قد تكون كذلك بالفعل ولكنها طرحت ايضا مقترحات غريبة للتصويت تتضمن مضاعفة نفقات الضيافة الخاصة برئيس البرلمان. إن نواب البرلمان الاوروبي وبيروقراطية المفوضية يسوقون مبررات عديدة لطلب هذه الزيادة الكبيرة لا تقتصر علي الحجة التقليدية التي تقول ان الحكومات سبق لها ان وعدت فعلا بتلك الزيادة أثناء مناقشتها لإطار الموازنات السنوية لفترة السنوات السبع بين 2007 2013 ومن هذه المبررات ان فواتير سداد تكلفة الأعمال التي بدأت في وقت سابق من هذه الفترة قد حل موعدها وان اتفاقية لشبونة لعام 2009 كلفت اجهزة الاتحاد الاوروبي بأعمال جديدة اضافية يتعين انجازها وهي أعمال لها تكلفتها فقد اصبح هناك الآن رئيس دائم للمجلس الاوروبي الذي يمثل الحكومات الوطنية كما اصبح للمجلس اجهزته الدبلوماسية الخاصة به وهو ما سيؤدي الي زيادة النفقات ايضا، وقد يكون هذا كله صحيحا ولكنه يظهر مؤسسات الاتحاد الاوروبي بمظهر الطرف المغيب عن الواقع الراهن، فالنواب اليساريون يقولون ان لجوء الحكومات الي بعض التقشف وشطب الوظائف يفرض علي اجهزة الاتحاد ان تعمل هي علي ايجاد الوظائف، ودعاة الفيدرالية الاوروبية من الوحدويين يقيسون اهمية اوروبا بحجم موازنة الاتحاد الاوروبي والمؤسف ان مثل هذه الضلالات لم يعد من السهل استئصالها لأن البرلمان بمقتضي اتفاقية لشبونة اكتسب سلطات علي تحديد الموازنة مساوية لسلطة الحكومات الوطنية وعلي سبيل المثال فإن جوي فيرهوفشنات رئيس الوزراء البلجيكي الاسبق اوالزعيم الحالي لكتلة النواب الليبراليين في البرلمان الاوروبي يهدد باستخدام حق الفيتو ضد ميزانية عام 2011 ما لم تستجب الحكومات للعديد من الشروط التي تتضمن تحقيق مزيد من الاستغلال المالي لاجهزة الاتحاد الاوروبي في دورة الموازنة القادمة التي ستبدأ بعد 2013 ولكن صقور الموازنة يقولون ان الوصول بالمسألة الي درجة الأزمة او المأزق علي هذه الصورة قد يعني العودة الي العمل بميزانية 2010 خلال عاتم 2011 من دون أية زيادات صغيرة كانت كما تريد الحكومات المتسامحة او كبيرة كما تريد المفوضية الاوروبية.