قبل نهاية شهر رمضان الكريم وعشية إحياء الذكري التاسعة لهجمات 11 سبتمبر 2001 علي برجي التجارة الدولية في نيويورك خرج قس جاهل مغمور مجنون أحمق أخرق يدعي "تيري جونز" بكنيسته المعمدانية بولاية فلوريدا ليعلن جهرا اعتزامه حرق المصحف الشريف فعكس بذلك نزعات العصبية والعدمية والتفكير والتدمير والكراهية. ثم مالبث أن تراجع أمام محاولة يقايض من خلالها وقف حرق المصحف مقابل وقف بناء مركز إسلامي قرب موقع تفجيرات برجي التجارة الدولية بحي مانهاتن بمدينة نيويورك. ** منهج تحريضي ضد الإسلام إنه وجه اليمين الديني الأمريكي العنصري المتطرف المعادي لقدسية الأديان والذي يقف وراء تنامي ظاهرة الإسلام فوبيا التي اجتاحت أمريكا والغرب التي بات يخشي معها من إشعال فتيل حرب دينية ضروس، لقد أراد هذا العش المجنون الذي تقمصته روح الشيطان فتبني نهجا تحريضيا يثير التعرات أن ينال خطوة اليمين الجمهوري من خلال طرحه لحملة تصعيدية ضد الإسلام والمسلمين وعلي حين استمتع بأجواء الإعلام ورغبته في الظهور فلقد أفسد علي المسلمين فرحة العيد ولولا الكاميرات التي تحلقت حوله لما كانت هناك قصة أي أن الإعلام هو الذي صنع من هذا المتطرف حدثا وحوله إلي أحد المشاهير. ** ميركل ورسام الكاريكاتير ؟! المفارقة أن يتزامن مع هذا الحدث مشاركة "انجيلا ميركل" مستشارت ألمانيا الاتحادية في حفل أقيم لتكريم رسام الكاريكاتير الدانماركي صاحب الرسوم المسيئة للرسول صلي الله عليه وسلم 2005 بمنحه جائزة حرية الصحافة وحرية الرأي. والغريب أن تصرح ميركل قائلة بأن مشاركتها في حفل تتويج هذا الرسام لا تتناقض مع حرية الأديان والمعتقدات. ** حصانة أمريكا غير مبررة لقد رأينا كيف أن الخارجية الأمريكية حادت عن الحق، فعلي حين تصدر تقارير سنوية حول حقوق الإنسان واضطهاد الاديان والإرهاب وتدرج دولا في قوائم هذه التقارير فهي تسقط من حساباتها ممارسات الولاياتالمتحدة التي يجب أن تدرج في التقارير الثلاثة مجتمعة وإلا فأين هي أمريكا من ممارساتها في دول العالم..؟ في غزوها للعراق وقتل أبنائه غيلة وتعذيبهم في السجون وانتهاك حرماتهم ونهب ثرواتهم وبث الطائفية المذهبية العرقية؟ وأين أمريكا مما فعلته وتفعله في أفغانستان وغارات طائراتها علي المدنيين وقتلهم؟ وأين أمريكا من جرائم جنودها في أفغانستان وما كشف عنه النقاب مؤخرا من أن بعضهم مارس قتل المدنيين عشوائيا واحتفظوا بأصابع أيديهم للعب بها وما كانوا ليقدموا علي ذلك لولا الحصانة التي أعفتهم من المحاكمة والمحاسبة والمساءلة. وأين أمريكا من ممارساتها التي تنضح باقصاء العدالة عندما تستخدم المعايير المزدوجة وتصنف الدول وفقا لمصالحها ومصالح اسرائيل؟ وأين أمريكا من ممارساتها ضد الإسلام والمسلمين وتعرض المسلم حتي لو كان حاصلا علي الجنسية الأمريكية لمعاملة سيئة وملاحقته بالتحقيقات وبالتفتيش الذاتي في المطارات الذي وصل إلي حد تفتيش الخلفية؟ كل هذا من شأنه أن يدرج أمريكا العظمي في التقارير الثلاثة فهي دولة تخرق حقوق الإنسان وتمارس الاضطهاد الديني وتلتحف بالإرهاب. ** معايير مزدوجة..! لقد أباحت أمريكا لنفسها ارتكاب كل الموبقات ثم بادرت فمنحت نفسها الحصانة التي تعفيها من الحساب والعقاب والمساءلة. أمريكا استباحت الدول الإسلامية وتدخلت في شئونها الداخلية، فهي تمنح لنفسها الحق في أن تعترض علي أحكام القضاء التي تصدر في دول تنتمي إلي ثقافات مغايرة لثقافات الغرب بل وتعمد إلي إجبارها علي التراجع عن هذه الأحكام فيما تمنح لنفسها الحق في اعتقال وتعذيب واعدام من تشاء بل وتدنيس المصحف الشريف وتمزيقه وحرقه علي نحو ما رأيناه عندما خرج قس مخبول في ولاية فلوريدا وهدد بحرق المصحف تزامنا مع ذكري واقعة سبتمبر ،2001 وما كان له أن يجهر بذلك لولا أن وجد أن هذا قد حدث بالفعل من قبل في "جوانتانامو " وسجن "أبوغريب" و"باجرام". ** لماذا الاستهانة بالعالم الإسلامي؟