منذ أيام قليلة وضعت منظمة العمل الدولية مصر في رقم 25 ضمن قائمة الدول التي عليها ملاحظات تخص الحريات النقابية والعمالية وقوانين العمل وفي نفس التوقيت بالضبط من نهاية يونيو 2010 الماضي كشف المجلس القومي الدولي لحقوق الانسان الذي انعقد في جنيف أيضا عن وجود 165 ملاحظة علي حقوق الانسان في مصر وهي ملفات عديدة لها علاقة بالحريات والديمقراطية وغيرهما، وعندما سألنا السفير هشام بدر رئيس بعثة مصر لدي المقر الأوروبي في الأممالمتحدة عن هذه الاحداث الخطيرة قال انها مؤثرة بالفعل علي سمعة مصر الاقتصادية بالذات. ولكن هنا يبرز دور السفارات والمبعوثين الرسميين للرد علي هذه الملاحظات، والسعي بقوة نحو جذب الاستثمارات الاجنبية للبلاد والتأكيد علي حقيقة الاقتصاد المصري.. بعيدا عن كلام السفير فإن الغيوم الدولية التي تهدد مناخ الاستثمار في مصر مؤثرة بالفعل وتحدث ارتباكا ليس للتربة الاقتصادية المصرية فقط بل في تقييم سياسات الحكومة التي تسعي دائما لتحسين صورة "المناخ" المصري أمام المجتمع الدولي القادر علي فرض عقوبات حتي ولو معنوية علي مصر. محاولات الاقناع للمجتمع الدولي كثيرة فوزيرة القوي العاملة عائشة عبد الهادي ردت علي ملاحظات العمل الدولية بأن هناك عدم فهم حقيقي للواقع العمالي المصري والحكومة لا تجامل طرفا من أطراف العمل علي حساب الآخر وانه لا داعي لتشويه صورة البلاد بهذا الشكل وأن النية موجودة للاصلاح فهناك قرار وزاري جديد يحمل رقم 69 لسنة 2010 بتشكيل لجنة فنية تحضيرية لمراجعة قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 وقانون النقابات رقم 35 لسنة 1976 للتمشي مع المعايير الدولية والظروف الوطنية. ورغم التشكيك ولو بشكل غير مباشر في نوايا منظمة العمل الدولية الذي قاده عبد المنعم الغزالي نائب رئيس اتحاد عمال مصر وتحذيره من الازدواجية التي تتعامل بها هذه المنظمة إلا أنه اعترف ضمنيا بضرورة اجراء تعديلات علي قوانين العمل وخاصة القانون رقم 12 لسنة 2003 وقانون النقابات العمالية رقم 35 لسنة وقوله بأن الاتحاد قام بتعديل جميع لوائحه فعلا وفي انتظار عقد الجمعية العمومية للاتحاد العام والنقابات العمالية للموافقة علي التعديلات بهدف القضاء علي كل الملاحظات الدولية التي تضر بسمعة الاقتصاد المصري، فهل تؤثر هذه الملاحظات علي مناخ الاستثمار في مصر؟ وما هي إذن صلاحيات منظمة العمل الدولية مثلا في فرض عقوبات علي مصر في حالة عدم الالتزام بالمعايير الدولية في علاقات العمل؟ ما المطلوب من صناع القرار المصريين الآن؟ وما الدور الذي يجب ان تلعبه الحكومة والسفارات في الخارج لتجميل مناخ الاستثمار المصري في الخارج؟ الاجابة علي هذه التساؤلات وغيرها في هذه المتابعة. ملاحظات مفبركة بداية اتصلنا بأحمد العماوي وزير القوي العاملة ورئيس مجلس ادارة منظمة العمل العربية السابق ووكيل مجلس الشوري الحالي فقال ل "العالم اليوم" ان الانتقادات الدولية التي توجه إلي مصر خاصة في مؤتمر العمل الدولي كل عام تؤثر بالفعل علي سمعة الاستثمار وهذا أمر طبيعي لكن المطلوب عدم السماح بذلك بتلافي تلك الملاحظات ان كانت ضد مصلحة الاقتصاد والعمال ولكنني أري - والكلام مازال للعماوي - ان هذه الملاحظات مفبركة وليس لها علاقة بالواقع فليس من حق المنظمة ان تفرض علي مصر شروطها لكي تقوم بتعديل اللوائح والقوانين خاصة وانني شاركت أكثر من مرة في مؤتمرات هذه المنظمة واعرف بواطن الأمور، فهناك رد واحد علي هذه الملاحظات هو ان هناك اتفاقية داخل المنظمة اسمها الاتفاقية الاجتماعية تنص علي انه من حق كل دولة ان تجري تعديلات علي قوانين العمل طبقا لظروفها الوطنية. وقال العماوي ان تأثير هذه الملاحظات سوف يتلافي بتوضيح الحقائق التي تؤكد أن قانون العمل المصري رقم 12 لسنة 2002 والذي ينظم العلاقة بين العامل وصاحب العمل يحتوي علي مواد لو جري تنفيذها سوف تتحقق العدالة في العمل فهناك مواد تجيز الاضراب ولكن بضوابط مشروعة وهناك مواد تحفظ كرامة العاملة وتدعو إلي المفاوضة الجماعية وكذلك حق العمال في أجور عادلة فقد أقر القانون مواد بتشكيل المجلس القومي للأجور الذي يجب ان يقوم بدوره حل هذه المشكلة الازلية. ردود منطقية