في الاسبوع الماضي طلب الرئيس مبارك من الحكومة سرعة حل مشكلة المرور ووضع خطط للقضاء علي هذه الازمة وفي نفس السياق كشفت دراسة حديثة أجرتها وزارة النقل ان الاقتصاد المصري يتحمل خسائر سنوية تبلغ 400 مليون دولار لفقد الوقت نتجية الزحام المروري وزيادة تكاليف تشغيل المركبات أثناء السير في الشارع المصري. وطالبت الدراسة بضرورة البدء في تنفيذ مشروع الخط الثالث لمترو انفاق القاهرة من منطقة إمبابة إلي مطار القاهرة شرقا بطول 2.34 كليو متر مارا بمناطق الزمالك والعتبة وباب الشعرية والعباسية ومحور العروبة ومصر الجديدة.. وشددت الدراسة علي أهمية تنفيذ الخط الثالث بعد ان وصل تعداد سكان العاصمة وحدها نحو 14 مليون نسمة ومن المتوقع زيادة هذا الرقم إلي 20 مليون نسمة عام 2022 مما يشكل عبئا كبيرا علي النظم المختلفة للبنية الاساسية بصورة عامة والنقل الحضري بصورة أساسية. ووفقا لاحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء فإن عدد السيارات في مصر وصل 3 ملايين و320 ألف سيارة منها مليون و11 ألفا و450 سيارة في القاهرة وحدها.. وفي تقرير لمجلس الشوري أكد ان الطرق المصرية تم تصنيفها ضمن الاقل كفاءة والاكثر خطورة وفوضوية في العالم ويتكلف انشاء الكيلومتر الواحد من 3 إلي 4 ملايين جنيه، كما ان احتياجات الصيانة تقدر ب 7 مليارات جنيه سنويا علي مدي 10 سنوات، في حين ان المتاح منها 200 مليون جنيه سنويا أي نحو 30% من الاحتياجات فقط. والنقل يعد أهم الخدمات الاقتصادية لنقل السلع والبضائع والافراد ولولا النقل لتعطلت الحياة الاقتصادية وبما ان شبكة المواصلات في أي دولة تعتبر أبرز العوامل المشجعة للاستثمار بعد القوانين والتشريعات، فهذه الارقام تعني ان مأساة المرور تعد أهم العقبات امام النمو الاقتصادي.. يضيف التقرير ان هذه العقبة تأخذ أشكالا عديدة منها ما تتحمله الدولة من عبء صيانة الطرقات وتطوير البنية التحتية وانشاء الجسور والانفاق والطرقات السريعة الدائرية خاصة مع التوقعات بأن يزيد عدد السيارات مستقبلا، ايضا شركات التأمين والتي تعد اكثر القطاعات تأثرا، حيث تتكبد سنويا خسائر كبيرة من جراء الحوادث اليومية الحاصلة بسبب الاختناقات المرورية وإزدياد التكلفة بسبب دفعها تعويضات الحوادث، كما تؤدي زحمة السير إلي زيادة مصاريف الوقود في السيارات والمواصلات العامة بالاضافة إلي إصدارها، خاصة انه في أوقات الذروة المسافة التي يمكن للسيارة ان تقطعها في نصف ساعة تقطعها في 3 ساعات، الامر الذي يؤدي إلي زيادة كلفة استخدام الوقود، فضلا عن الاضرار البيئية والصحية. ويكشف التقرير تراجع معدلات الانتاج ايضا أبرز سلبيات الزحمة المرورية سواء في شكل تأخر الموظفين عن أعمالهم أو العمال عن مصانعهم وايضا تأخر نقل البضائع وتلفها احيانا إذا كانت سلعا غذائية سريعة التلف مما يحمل أصحاب الاعمال خسائر كبيرة. وبعيدا عن التقارير فإن د. شريف دلاور - الخبير الاقتصادي يوضح ان الرقم المعلن من جانب وزارة النقل بشأن الخسائر الاقتصادية الناتجة عن الازمة المرورية رقم مضلل فال 400 مليون دولار لا تمثل شيئا مقابل الخسائر الناجمة سواء فيما يتعلق باهدار الوقت أو الصحة، مضيفا ان الرقم الحقيقي يتجاوز ال 4 مليارات دولار ويكفينا تدني انتاجية العامل المصري وصحته لاقصي درجة، الامر الذي يؤثر بشكل مباشر علي الاقتصاد القومي، كما ان ظهور صفة العدوانية في التعامل بين المصريين أمر يناقض مبادئ العمل الحديث والقائم علي فريق العمل. ويشير دلاور ان ما نعانيه اليوم بشأن المرور ليس أزمة وإنما هو دلالة أزمة عميقة في الادارة الحكومية، والتي تمثل جزءا من منظومة مترابطة فشلت الحكومة في التعامل معها، مؤكدا ان الوضع الراهن ستكون له تداعيات كبيرة سواء علي الانتاجية بشكل خاص أو علي الاقتصاد بشكل عام، خاصة ان الحكومة ترفض مواجهة المشكلة وحسمها وكل ما جاء في وسعها هو الاعلان عن أرقام تقلل من حجم المشكلة، وما هي إلا أرقام تضليلية تهدف من ورائها إلي تغييب الشعب، مشيرا إلي ان تداعيات أزمة المرور متعددة وهي لا تتمثل في اهدار الوقت فقط بل لها تأثيرات سلبية أخري لم تنتبه الحكومة لرصدها.