شهدت بلاد الإغريق مرة أخري خلال شهر واحد موجة كبيرة من الاضرابات بين العمال والموظفين في مختلف أنحاء العاصمة أثينا احتجاجاً علي سياسات التقشف التي تبنتها الحكومة مما يهدد الحياة العامة بالشلل. وجاءت الاضرابات الجديدة احتجاجا علي اجراءات التقشف الحكومية لتوفير نحو 30 مليار يورو من ميزانية الدولة خلال السنوات الثلاث المقبلة. ونتج عن بركان الغضب توقف حركة عبارات الركاب المتجهة إلي جزر بحر إيجه كما توقفت حركة الحافلات وقطارات الأنفاق وأغلقت المصالح الحكومية والوزارات والمدارس والجامعات أبوابها. كما توقفت حركة المرور في الطرق والميادين بسبب اضراب وسائل النقل العام واضطرار السكان إلي استخدام السيارات الخاصة في الذهاب إلي أعمالهم. وفي المقابل لم تتأثر حركة الطيران الدولية في البلاد نظرا لعدم مشاركة ضباط أبراج المراقبة في الاضراب غير أن الرحلات الداخلية إلي ست جزر صغيرة توقفت بسبب اضراب الموظفين المدنيين. واكتفي التليفزيون الرسمي بعرض أفلام وثائقية إلا أن العمل في محطات التليفزيون والاذاعة الخاصة والصحف استمر بشكل معتاد فيما امتنع الأطباء في المستشفيات العامة عن العمل باستثناء الحالات الطارئة. من ناحية أخري دعت أكبر نقابتين للعمال في القطاعين العام والخاص بالإضافة إلي النقابة الشيوعية إلي مظاهرة حاشدة اليوم في قلب العاصمة أثينا. وجرت الإضرابات علي خلفية من الاضطراب في الأسواق المالية وانخفضت عملة اليورو والأسهم نهاية الأسبوع الماضي بسبب مخاوف من أن حزمة الإنقاذ التي يقدمها الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي وقيمتها 110 مليارات يورو نحو 146.5 مليار دولار لن تكفي لمنع أزمة الديون في منطقة اليورو من الانتشار. وذكرت مجلة الايكونومست أن خطط الحكومة لخفض النفقات تشمل تجميد التعيين في القطاع العام وخفض رواتب الموظفين وتقليص الخدمات الاجتماعية. وتعاني الميزانية اليونانية من وطأة ديون ثقيلة قد تؤدي بها إلي الإفلاس بسبب سياساتها المالية الخاطئة والمبذرة مما دفع بالحكومة اليونانية مؤخرا الي قيامها بإجراءات تقشفية اقترحها الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي مقابل تقديم معونة مادية لأثينا. واشارت إلي أنه سيتعين علي اليونان خفض رواتب موظفي الحكومة وتجميد زيادة رواتبهم وتقليص دفعات رواتبهم التقاعدية إلي جانب تغيير معدلات الضرائب، وزيادة ضريبة القيمة المضافة التي يدفعها المستهلكون عند شرائهم السلع. وكانت اليونان قد واجهت معارضة شديدة من المواطنين علي قرار التقشف الذي لاخيار لها غيره وترجمت المعارضة إلي مظاهرات وأحداث عنف. ولا تعد أزمة اليونان منفصلة عن الأزمة العالمية وخاصة الاتحاد الأوربي ذي العملة الموحدة ولان الأزمة المالية في اليونان قد تنسحب علي اقتصاد الاتحاد الأوروبي وتفاقِم الأزمة المالية الأوروبية فان الدول الأوروبية وصندوق النقد الدولي تسعي بحذر وقساوة لإنقاذ اليونان من الأزمة مقابل تنازلات وإجراءات قاسية. وبدأت تداعيات الأزمة المالية التي تتخبط فيها اليونان تظهر علي الأسواق العالمية فبعد الأسواق الأوروبية التي سجلت تراجعا طيلة الأسبوع الماضي شهدت الأسواق الآسيوية نفس المصير كما شهدت بورصات آسيا بدورها يوما صعبا إثر المخاوف من انتقال الأزمة اليونانية إلي دول أخري لكن اليورو حد من تراجعه أمام الدولار بعد تصريحات مهدئة من عدة مسئولين أوروبيين. وكانت وكالة التصنيف الائتماني ستاندرد آند بورز خفضت مؤخرا تصنيف اليونان ثلاث درجات بحيث انتقل من بي بي بي + الي بي بي+ واضعة إياها في فئة الاستثمارات التي تنطوي علي مضاربة اي التي تمثل خطرا مرتفعا في عدم التسديد مما أثار موجة ذعر في الأسواق المالية. كما خفضت تصنيف البرتغال من إيه + إلي ايه - وأشار سيباستيان بارب المحلل في كريدي اجريكول في تقرير أن درجة تصنيف اليونان أصبحت الآن اقل من تصنيف الهند.