د. علي المداد: ضرورة التوسع في استخدام النظم المختلفة للاستزراع تحقيق شيرين سامي تمثل الثروة السمكية في مصر قطاعا مهما في الاقتصاد القومي إذ يقدر نصيبها بنحو 4% من إجمالي قيمة الإنتاج الزراعي وحوالي 15% من قيمة الإنتاج الحيواني كما أن الإنتاج السمكي حاليا يعطي عائدا يقدر بنحو 6 مليارات جنيه، كما تعلن مصادر هيئة الثروة السمكية، وتعد نسبة ال 15% التي تمثلها الثروة السمكية من قيمة الإنتاج الحيواني مبنية علي أساس الإنتاج البروتيني من اللحوم البيضاء، إلا أن الثروة السمكية تمثل في الحقيقة ركيزة أكبر من ذلك في الاقتصاد القومي إذا ما نظرنا إلي الأسماك نظرة شاملة لجميع الصناعات التي تقوم عليها مثل مصانع علائق الأسماك ومكوناتها ومصانع للعلائق المستخدمة في تربية الحيوانات والدواجن، والتي تقوم أساسا علي الأسماك ومخلفاتها، ومن جهة أخري تعد الثروة السمكية مصدرا من مصادر التشغيل والعمالة بالمؤسسات والشركات والمصانع والتي تعمل في مجال المنتجات السمكية، ويقدر عدد العاملين بقطاع صيد الأسماك بحوالي 165 ألف عامل ويرتفع هذا العدد لحوالي 200 ألف عامل يمثلون العاملين بجميع القطاعات الاقتصادية للصيد والتوزيع والتصنيع. هذا الكم الهائل من الأيدي العاملة يعتمد في كسب قوته اليومي علي العمل في هذا المجال وبالتالي فإن صيانة تلك الثروة هي صيانة للمجتمع وحماية له من البطالة ورفعا لمستوي معيشة مواطنيه هذا بالإضافة إلي تحسين الحالة الصحية للأفراد، وذلك بمدهم بالبروتين الحيواني عالي القيمة والعديد من الفيتامينات المهمة لتفي باحتياجات محدودي الدخل والطبقات الشعبية من المستهلكين المصريين. ويقدر الإنتاج المحلي من الأسماك بحوالي 407 آلاف طن/ سنويا، حيث إن 83% من هذه الكمية يتم اصطياده من المصادر الطبيعية، 17% من المزارع السمكية وعند مقارنة متوسط استهلاك الفرد السنوي للأسماك في مصر بمثيله في دول العالم الأخري نجد أنه منخفض جدا، حيث يصل من 2،5 إلي 6 كيلو جرامات بينما نجده 35،9 كيلو جرام سنويا في اليابان، و26،1 كيلو جرام سنويا في اسبانيا ومعدل استهلاك الفرد من الأسماك سنويا في مصر يعتبر متدنيا أيضا مقارنة بنصيب الفرد المحدد بواسطة هيئة الصحة العالمية، والذي يقدر بأكثر من 11 كيلو جرام سنويا وسبب قلة نصيب الفرد من الأسماك في مصر يرجع إلي قلة الإنتاج السمكي حيث يمثل الإنتاج المصري من الأسماك 2،5% من الإنتاج الإفريقي الذي يمثل 6،3% من الإنتاج العالمي مما يعكس مدي تدني الإنتاج السمكي المصري مقارنة بالإنتاج القاري والعالمي. وتشير أحدث الاحصاءات إلي أن صادرات مصر من الأسماك (أكثرها القاروص والدنيس) بلغت نحو 912 طنا خلال عام 2001 قيمتها نحو 4،3 مليون دولار، ولكن هذا التصدير يتم بكل أسف عن طريق وسطاء، ولا يحمل اسم مصر مما يؤكد ضرورة الاسراع بإنهاء التعقيدات الإدارية التي تعرقل فتح الأسواق أمام الصادرات المصرية بشكل مباشر. ومن هذا المنطلق انتهت الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية مؤخرا من إعداد تقرير مفصل عن المشكلات التي يعاني منها الاستزراع السمكي في مصر، ووصف التقرير معظم المزارع السمكية المقامة حاليا بأنها "عشوائية التصميم" لعدم خضوعها لأي أسلوب هندسي منتظم، وتعود هذه المشكلة إلي أن الهدف من إنشائها كان غسيل الأراضي من الأملاح تمهيدا لتحويلها إلي أراض زراعية وكشف التقرير توقف بعض المربين عن تربية الأسماك، بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف خلال الفترة الماضية، وهو ما أدي إلي توقف البعض عن تربية أسماك البلطي في المزارع، فيما اتجه آخرون إلي تربية الأسماك التي تعتمد علي الغذاء الطبيعي مثل أسماك المبروك الفضي والمبروك ذي الرأس الكبير. كشف التقرير عن محدودية مساحة الأراضي المخصصة لإنشاء المزارع السمكية التابعة للهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، مشيرا إلي أنها غير قابلة للزيادة إلا في حدود ضيقة، الأمر الذي أدي إلي ارتفاع أسعار ايجارها بنسب كبيرة وطالب التقرير بضرورة الاتجاه نحو الاستزراع المكثف، والذي يمكن من خلاله رفع انتاجية وحدة المساحة رأسيا، بحيث تحقق الاستفادة القصوي لتحقيق أعلي عائد، والتوجه نحو استخدام الأراضي الصحراوية، خاصة وادي النطرون والاعتماد في استزراع الأسماك علي المياه الجوفية التي يتم ضخها في أحواض أسمنتية أو رملية مبطنة بطبقة بلاستيكية، ويتم زراعة الأسماك بها.