تجعل الزهق من نظام بلد ما هو الجوهر الذي تبيعه لشعب تلك الدولة، وكانت الصهيونية العالمية من أبرع المذاهب التي قامت بتزوير حتي جوهر الدين اليهودي. ولذلك ما إن بدأ مشروع "ذاكرة مصر" بمكتبة الاسكندرية بقيادة الراحل الكريم د. يونان لبيب رزق، شعرت أن التاريخ المعاصر يمكن أن تتناوله أيد أمينة تضع الحقائق بتسلسلها وتحليلها أمام المصريين ليعرفوا ايجابيات كل عصر من العصور الحديثة في مصر المحروسة، وكان أسلوب يونان لبيب رزق يتسم بالبساطة التي لا تفتقد الرصانة في كل ما تناوله قلمه أن المشروعات التي أشرف عليها وقد هنأت اسماعيل سراج الدين علي هذا الاختيار الدقيق وحين عرض اسماعيل سراج الدين لمشروع رقمنة هذا التاريخ علي الإنترنت فرحت بما فعل، لا لشيء إلا أن روح يونان لبيب رزق صبغت هذا الموقع بحياديته وقدرته علي وضع تفاصيل الاحداث بما يمكن ان نستخرج منه الكثير والكثير. ثم بدأ قسم الإعلام بالمكتبة ينشر بعضا من الطرائف من ذلك التاريخ، وكان المنشور لا يناسب جلال الموجود علي موقع "ذاكرة مصر" الذي افاض اسماعيل سراج الدين في شرحه بأكثر من محاضرة في المكتبة. وأخيرا جاءت مطبوعة فارهة الطباعة تزدحم بالطرائف ولا يسندها سوي رصانة التشجيع التي بدأ بها اسماعيل سراج الدين رحلة الترحيب بالمجلة الوليدة، ثم الدراسة المحترمة التي قدمها عماد الدين أبو غازي عن جده محمود مختار تلك الدراسة التي ما أن تقرأها حتي تستوعب عصرا أضاءت فيه قدرة المصريين علي التواجد المبدع بعد سبات فني طويل. أشكر لخالد عزب هذا الجهد واتمني المزيد من تزاوج الرصانة والبساطة أما العتاب فهو غياب قسم الإعلام عن مؤتمر المياه الذي انعقد بالمكتبة. فلم نقرأ عنه أية تفاصيل الإنترنت علي الرغم من ان اسماعيل سراج الدين هو واحد من أوائل الدارسين لمشكلة المياه بما يفوق خيال أي احد حتي ولو كان هذا الاحد هو آل جور نائب الرئيس الأمريكي الاسبق. اكتب ذلك لان مثل هذا الغياب الاعلامي عن مثل هذا المؤتمر هو نوع من الغيبوبة التي ما كان يصح أن يقع فيها إعلام المكتبة مهما كانت الاسباب. أكتب ذلك وأنا أعي ما أقول لاني في أول الأمر وآخره اعتبر المكتبة هي اكبر بيت للاستنارة في عالمنا المعاصر علي قدر علمي.