عندما نتحدث عن أسعار اللحوم في مصر أصبحت حدوتة فهي نجدها في ارتفاع مستمر وتزايد دائم، واصبحت ظاهرة ارتفاع اسعارها تشغل عامة الشعب وخاصته والذين لا يستغنون عن اللحوم في المدن أو القري لأنها عنصر غذائي مهم، وقيمة مهمة في المائدة المصرية. الكثيرون مازالوا يذكرون ان سعر اللحم كان في الستينيات من القرن الماضي بثمانية وخمسين قرشا، وفي السبعينيات كان في المجمعات ب 68 قرشا، وعندما وصل إلي جنيه في السبعينيات خرج الشعب يهتف ساخطا "سيد مرعي يا سيد بيه كيلو اللحمة بقي بجنيه"، واستمر اللحم في الصعود أمام دخل الأفراد الثابت ووصل إلي ثلاثة جنيهات في بداية الثمانينات فأعلن الرئيس السادات عدم ذبح الماشية لمدة شهر، ورغم ذلك استمر الصعود حتي أصبحت تتراوح من اثنين وخمسين جنيها إلي تسعة وثمانين جنيها للكيلو السوبر. ومازال مسلسل الصعود مستمرا حتي الآن ولكن حكومتنا وجدت حلاً آخر وهو زيادة الاستيراد مثلها مثل الكثير من الأغذية الأخري لعل التجار والجزارين يتراجعون عن المغالاة في الأسعار، وخفض أسعار اللحوم التي تعتبر البروتين الأساسي للمصريين، اذا من أين نستورد وهل اللحوم المستوردة نجحت في تحجيم الأسعار؟ قررت الحكومة من سنوات قليلة الاستيراد من اثيوبيا وقد اتفقت علي ذلك الوزيرة فايزة أبو النجا بشروط لصالح مصر، فكان سعر الكيلو القائم بدولار أي خمسة جنيهات تقريبا، ولكن ولظروف أو بضغوط من بعض المستوردين لم تكتمل هذه الصفقة، وعندما زار الدكتور نظيف رئيس الوزراء اثيوبيا مؤخرا وعقد اتقاقية استيراد لحوم من هناك طرحت بالمجمعات بين ثلاثين جنيها وخمسة وثلاثون جنيها دون الاعلان عن سعر الشراء من هناك. وقد وصل إلي ميناء سفاجا في أول مارس الجاري 2200 عجل من اجمالي ثلاثة عشر ألف رأس أخري جاهزة للشحن في موانئ جيبوتي تمهيدا لذبحها في مجزر سفاجا وطرحها في الأسواق. اللحم البرازيلي وبدأ المستوردون يبحثون عن دول أخري لاستيراد اللحوم، فكانت البرازيل هي الأنسب واشتهر اللحم البرازيلي في مصر بصورة واضحة فتواجد في الأحياء الراقية والشعبية وما بينهما، ويبدأ سعرها من خمسة عشر جنيها إلي تسعة وعشرين جنيها واقبلت عليها طبقات مختلفة وخاصة الأجانب المتواجدين في مصر، ورغم التوقع باقبال محدودي الدخل فقط عليها إلا ان الاقبال كان مخالفا للتوقعات. أما عن أحدث أنواع اللحوم طرحا في الأسواق حاليا هو اللحم الاسترالي والذي يلقي اقبالا كبيرا في الأسر المصرية بمختلف طبقاتها قد يكون لسعرها الذي يتراوح ما بين ستة عشر جنيها وخمسة وعشرين جنيها أو بسبب الدعاية المكثفة التي يقوم بها المستوردون "أولاد رجب والمحمل" في وسائل الاعلام المختلفة رغم ان هذا النوع يباع مجمدا والاقبال علي هذه اللحوم المستوردة المجمدة لا يقتصر علي الأسر المصرية بطبقاتها المختلفة ولكنه يمتد إلي الفنادق والمطاعم وذلك لارتفاع أسعار اللحم البلدي. اللحم الجملي وتلجأ بعض الأسر إلي استخدام لحم الجمال في طعامهم ويفضلونها ويعتبرونها أصح من اللحوم الاخري بكل أنواعها كما انها تستخدم أيضا في المناسبات الدينية المختلفة مثل اقامة موائد الرحمن والموالد والصدقات والنذور لانها تستعمل في الكفتة والتي لا تخلو منها بيوت الفقراء والعزومات الشعبية. ونعود مرة أخري لنسأل ما سر ارتفاع أسعار اللحوم البلدي؟ فيجيب أصحاب محلات الجزارة ان الفلاحين هم سبب هذا الارتفاع في الأسعار بسبب ارتفاع أسعار العلف، علي الرغم من ثبات سعر الدولار أمام الجنيه المصري والظروف الاقتصادية الصعبة للأسرة المصرية وجشع بعض التجار ورغبتهم في تحقيق أرباح سريعة. ويقول بعض الفلاحين ان مصر ليس بها مراع بشكل كاف كما أنها غير منتجة لمكونات الاعلاف مما يؤدي إلي استيراد الاعلاف ويكون هذا عبئاً علي سعر اللحم يتحمله الجزار والمستهلك. ورغم الحشد الكبير لأنواع اللحوم في الأسواق إلا أن هذا لم يؤثر في أسعار اللحوم البلدي التي يرتفع سعرها بصورة لم تشهدها سلعة غذائية من قبل لأنها المحببة لدي المستهلك المصري فقد زاد سعرها في خمسين عاما تسعون ضعفا حتي بعد تصريح رئيس جهاز سلامة الغذاء بأن مجازر مصر غير معتمدة دوليا ولا تحتوي علي مبردات للحوم ولا تنقل اللحوم في سيارات مغطاة، كل هذا لا يؤثر في انخفاض سعر اللحوم والتي هي مرشحة للزيادة في الأيام المقبلة دون أن يتحرك أحد.