دعا الخبير المصرفي أحمد سليم في حواره مع الأسبوعي إلي عدم الإفراط في التفاؤل حول انحسار الأزمة المالية العالمية، مؤكدا انها مستمرة علي الأقل حتي منتصف العام، متوقعا في ذات الوقت أن تتحسن نتائج أعمال البنوك خلال الربع الأخير من عام 2009 مقارنة بالأشهر التسعة الأولي من ذات العام، مشيرا في ذات الوقت إلي أن التضخم سيعاود الصعود مجددا خلال الفترة المقبلة وأن اللعب بورقة أسعار الفائدة وحدها أصبح صعبا وأنه من المفترض أن نستخدم بدائل أخري مثل الاحتياطي القانوني وهو ما من شأنه أن يؤدي إلي خفض تكلفة الائتمان إلي غير ذلك من القضايا المصرفية المهمة التي ساقها سليم في حواره مع "الأسبوعي" وإلي نص الحوار: * توقعت شركة إتش سي في تقرير لها عودة ارتفاع التضخم مجددا فما توقعاتك لمعدلات التضخم وكيف تقرأ دور السياسة النقدية في محاربة التضخم؟ ** مشكلة التضخم في مصر معقدة ولا يمكن تحميل السياسة النقدية الدور الكامل في حربها ضد التضخم دون أن يكون هناك تعاون وثيق من قبل الحكومة في مقاومته من خلال أحكام الرقابة علي الأسواق ووقف الممارسات الاحتكارية الضارة التي تغمر السوق بحمي ارتفاع الأسعار فضلا عن استمرار ارتفاع فاتورة الواردات.. وأتوقع عودة ارتفاع التضخم خلال الفترة المقبلة فبالنسبة لمسألة تآكل أموال صغار المودعين، فالمسألة محسومة في غير صالح أصحاب المدخرات الصغيرة، لأن معدل التضخم أعلي بكثير من معدل سعر الفائدة علي الودائع، وهو ما يعني أن سعر الإقراض سالب. وبالتالي فلابد إذا أردنا الحفاظ علي أموال صغار المدخرين أن يرتفع سعر الفائدة عن معدل التضخم السائد.. ومعدل التضخم ليس ناتجا عن ارتفاع الطلب عن العرض، لكنه ناتج عن رفع الدعم عن بعض السلع الأساسية، لهذا فإنه لابد من زيادة الإنتاجية الحقيقية، وهذا لا يحدث أبدا في الأجل القصير، فلابد من جذب المزيد من الاستثمارات، والانتظار حتي تحقق هذه الاستثمارات العائد، وهو ما يعني مرور فترة من ثلاث إلي خمس سنوات علي الأقل.. وهو ما يعني للأسف تضرر فئات كبيرة من الشعب، لأن مدخراتها تكون عرضة للتآكل.. ونحن شعب لم يتعلم كيف يستثمر أمواله، فقد تعودنا علي أخذ الأموال ووضعها في البنوك، بالإضافة إلي أن الكثير من صغار المدخرين يعتمدون علي عائد هذه المدخرات في مصاريفهم الشهرية، وهو ما يعني عدم قدرته علي سحبها وشراء قطعة أرض وتسقيعها أو حتي شراء الذهب وتركه حتي يرتفع سعره، الأمر الذي يعني تحمل هذه الفئة من عملاء البنوك لمشكلات اقتصادية. فالقائمون علي الاقتصاد المصري يعلمون جيدا ضرورة زيادة نسب الاستثمار الحقيقي وبمعدلات مرتفعة، لأن الأمور قد تسوء أكثر من ذلك، فالأسعار العالمية في تزايد، وبالتالي لابد من الاهتمام بالزراعة لتأمين جزء كبير من احتياجاتنا من الحبوب من الإنتاج المحلي، وكذلك ضرورة الاهتمام بتنمية الريف والصعيد، ولابد من قيام رجال الأعمال بدورهم الاجتماعي في التنمية، فهم يتصورون أنهم بمنأي عما يحدث في مصر وهذا غير صحيح، فلابد من وجود خطة قومية ضخمة وإذا لم يعمل الجميع فلن نجد حلا. * أنت من أنصار استخدام الاحتياطي القانوني بدلا من خفض أسعار الفائدة من أجل مصلحة المودعين؟ ** استخدام الاحتياطي القانوني أحد البدائل التي يجب أن يأخذها المركزي في اعتباره مع ورقة أسعار الفائدة فخفض الاحتياطي القانوني علي سبيل المثال من النسبة الحالية 14% إلي 10% يعمل علي خفض تكلفة الائتمان للبنوك ويساعد البنوك علي القيام بدورها المنوط بها وتقليل الضغط في ذات الوقت عن أصحاب المدخرات الصغيرة. * هل أنت راضٍ عن مستوي اهتمام البنوك بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة؟ ** هناك اهتمام متزايد من قبل البنوك في الآونة الأخيرة في الاهتمام بقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال إنشاء إدارات متخصصة لها وتخصيص محفظة كبيرة لها ويجب علي البنوك أن تستفيد من مبادرة البنك المركزي التي أقرها مطلع العام الماضي وهو إعفاء القروض الممنوحة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة من نسبة الاحتياطي القانوني 14% ويجب علي البنوك أن تعي تماما أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة هي السبيل للخروج من عنق زجاجة الأزمة المالية العالمية ليس ذلك فقط بل إن البنوك ستصبح لديها أيضا قاعدة بيانات احصائية عن المنشآت الصغيرة والمتوسطة تساعد البنوك علي توجيه اهتمامها بقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة كمحرك أساسي من محركات الاقتصاد القومي وهي تعتبر من أكبر العقبات التي كانت تواجه البنوك.