انتهي عام 2009 بكل ما حمله لنا من مخاوف واضطراب وأمل في الاسواق المالية العالمية، ولكن مع نهاية العام علينا ان نلقي نظرة علي أهم الاحداث التي مرت بالمنطقة الآسيوية باعتبارها منبع الاقتصاديات الناشئة وإحدي أهم الادوات التي ساعدت الاقتصاد العالمي علي التعافي، خاصة بعد ان تضاءل الطلب العالمي بسبب بالازمة المالية والائتمانية الأسوأ منذ الكساد العظيم. تأثر الاقتصاديات الآسيوية بالازمة العالمية جاء أقل بكثير من التأثير علي الاقتصاديات النامية في أوروبا والولايات المتحدةالامريكية، ولعل هذا كان السبب وراء قدرة الدول الآسيوية علي تخطي الازمة في وقت قياسي نسبيا مقارنة بدول الغرب المتقدمة، وقد اعتمدت الدول الآسيوية في نموها علي تنمية الاقتصاد الحقيقي ودعم الجبهات الداخلية والاعتماد علي الطلب المحلي لتعويض غياب الصادرات التي تعتبر شريان الحياة بالنسبة للدول الآسيوية. دعنا عزيز القارئ نلقي الضوء علي تجربتين مهمتين شاهدناهما خلال هذا العام، وهما تجربة الاقتصاد الياباني والاقتصاد الصيني لنعرف معا الأداء الاقتصادي الذي قدمته ثاني وثالث أكبر اقتصاد في العالم خلال عام 2009: اليابان: بداية مع الاقتصاد الياباني الذي لم يستطع ان ينجو من براثن الازمة المالية خاصة بعد ان تأثر قطاعه المالي والائتماني من الازمة المالية العالمية بشكل كبير ليحد هذا من قدرة الشركات اليابانية علي التوسع الرأسمالي أو التجاري، هذا بالاضافة إلي ضعف الطلب العالمي الذي كان من شأنه ان يقلل من فرص الاقتصاد الياباني علي الانتعاش مجددا. جاء التدخل سريعا من قبل البنك المركزي الياباني حينما قام بخفض أسعار الفائدة خلال شهر ديسمبر من عام 2008 لتصل إلي 0.10% وهو أدني مستوي لاسعار الفائدة، ليظل قرار تثبيت أسعار الفائدة هو المسيطر علي اجتماعات البنك المركزي الياباني خلال عام 2009 بأكمله من أجل العمل علي دعم النمو الاقتصادي ومساعدة البنوك والمؤسسات المالية علي الاقتراض مجددا مع تسهيل العمليات والضمانات المالية. الصين: قادت الصين الاقتصاد العالمي نحو التعافي وذلك من خلال اعلان الحكومة الصينية عن خطة تحفيزية ضخمة بقيمة 4 تريليونات يوان في شهر نوفمبر من عام 2008 إلا ان هذه الخطة لم تأت بثمارها قبل نهاية الربع الاول من العام، فقد شهد الاقتصاد الصيني نموا هو الأبطأ منذ 7 أعوام خلال الربع الاول من عام 2009 عند 6.1%، فقد تأثرت الصين سلبا بشكل كبير من الانخفاض الكبير في الصادرات بسبب ضعف الطلب العالمي وعدم قدرة الشركات علي التوسع الرأسمالي أو الائتماني. ومع بداية التأثير الفعلي للخطة التحفيزية استطاعت الصين ان تعود إلي الانتعاش مجددا، فقد تم توجيه الخطة التحفيزية إلي تعزيز الجبهة الداخلية للبلاد من خلال الانفاق علي مشروعات البنية التحتية التي وفرت المزيد من فرص العمل في الاقتصاد الصيني عملت علي تحقيق الاستقرار الاجتماعي، إلي جانب العمل علي دعم قطاع المنازل والقطاع المالي وتسهيل عمليات الاقتراض وتشجيع الاستثمارات الخارجة والداخلية علي التوسع لتعويض الاثر السلبي لغياب الصادرات. معدلات البطالة استقرت في الصين خلال عام 2009 تقريبا عند 4.3% خاصة بعد ان استطاعت الحكومة الصينية احتواء الازمة بعد ان سجل الاقتصاد نموا بنسبة 7.9% خلال الربع الثاني ليقترب هذا من هدف النمو الذي حددته الحكومة الصينية قبل ان تتخطي الصين هذا الهدف حينما حققت نموا بنسبة 8.9% خلال الربع الثالث من العام، ومع هذا التحسن الكبير في الطلب المحلي في الاقتصاد الصيني استطاع الاقتصاد الثالث عالميا ان يمد يد المساعدة إلي العديد من الاقتصاديات المجاورة له من خلال استيراد المواد الخام وغيرها، وايضا تقديم العون إلي الاقتصاديات المتقدمة من ارتفاع الاستثمارات الصينية في دول أوروبا وأمريكا بشكل كبير عمل علي تحريك النشاط الاقتصادي في هذه البلاد. إعداد حسام العجمي محلل اقتصادي بشركة ECPLUSE