في وقت ألقت فيه الأزمة المالية العالمية وأزمة ديون دبي بظلالها السلبية علي مختلف البنوك الاقليمية والعالمية وكبدتها خسائر فادحة، أظهرت البنوك الاسلامية صمودا ملموسا وبدا تأثرها بهذه الأزمة طفيفا مع احتفاظها بأصولها وسيولتها علي نحو لافت. وقد ساعدها في ذلك "حسب آراء الخبراء" نظام مصرفي عادل يبعد عن المعاملات الوهمية وتضخمات الديون والمقامرة، الأمر الذي جعلها تبرز علي الساحة بقوة. ويقول د.رفعت العوضي خبير الصيرفة الإسلامية إن الحصانة التي تمتعت بها البنوك الاسلامية في مواجهة الأزمة العالمية تعود لمنهجها الذي يبتعد عن مشاريع الاقراض بالفائدة الذي يشكل 90% من معاملات البنوك غير الاسلامية. أضاف أن اعتماد البنوك الاسلامية منهج تحريم بيع الدين بالدين وشراء الديون وعدم تورطه في مضاربات البورصة وتحريم الربا والحذر من الدخول في مشروعات معرضة لمشكلات مالية جعلها مؤهلة للحفاظ علي أصولها وسيولتها رغم خسائر طفيفة ألمت بها. أكد العوضي أن بلوغ أصول البنوك الإسلامية علي مستوي العالم وصلت إلي 800 مليار دولار هو دليل علي نجاح توجهها وسرعة انتشارها، موضحا أن الأزمة العالمية الراهنة كشفت النقاب عن أن البنوك الإسلامية باتت البديل الوحيد للنظام المالي العالمي الذي تم تبنيه عقب الحرب الكونية الثانية وبدأت عيوبه تظهر مع اتساع رقعة الأزمة اليوم علي حد وصفه. من جانبه يري د.عبدالهادي النجار خبير الاقتصاد الاسلامي أنه بينما يقوم النظام المالي الراهن علي أساس مبدأ تأجير المال وبيع وشراء الدين، فإن نظام عمل البنوك الاسلامية يقوم علي أوجه مختلفة منها المشاركة والمرابحة والمضاربة والاجارة المنتهية بتمليك فضلا عن التورق. ويجعل ذلك مجالات استثمار البنوك الاسلامية أوسع فضلا عن ضمان تلك البنوك لأصولها، وتبنيها مشاريع استثمارية تنموية بدلا من الاعتماد علي توليد النقد دون معاملات حقيقية. أضاف أن البنوك الإسلامية وبسبب استثمار ما نسبته من 30 إلي 40% من أموالها بالمعاملات المالية، فقد تأثرت بالأزمة وما ساعدها علي تخفيف خسائرها هو الاستثمار في الأصول ورغم وجود نوافذ مالية للعديد من البنوك الإسلامية بأوروبا، فإن النجار يستبعد انتشارا كبيرا لها هناك، معتبرا أن النظام المالي الراهن لايزال يقف علي أقدامه مع دعم الحكومات للبنوك المتأثرة من الأزمة فضلا عن وجود صعوبات قانونية تحد من الانتشار العالمي للبنوك الإسلامية علي المدي القريب. تأثير ضعيف ويقول الدكتور عبد الحليم عمر خبير الصيرفة الإسلامية إن تأثير الأزمة المالية العالمية علي البنوك الإسلامية كان ضعيفا، مضيفا أن الأثر الذي طال المصارف الإسلامية أتي بشكل غير مباشر، وذلك من خلال التأثير العام للأزمة علي الجو العام للبنوك التقليدية منها والإسلامية وما تقدمه من منتجات. أضاف عمر أن الأثر غير المباشر للأزمة علي البنوك الإسلامية يعد كبيرا، لافتا إلي أن التمويل الإسلامي مرتبط بأصول أسعار المنتجات، سواء كانت أسهماً أو عقارات أو تمويل تجارة أو ما شابه ذلك، حيث إن جميعها تتراجع، ما يعني أن قيمة الأصول الإسلامية التي تمتلكها البنوك الإسلامية تأثرت وتراجعت لا محالة، وهو ما سيؤثر في قدرة تلك البنوك علي التمويل وبالتالي قدرتها علي النمو. وأشار عمر إلي أن التحديات التي تواجه عمل المصرفية الإسلامية كثيرة وكبيرة، لكن يمكن التغلب عليها من خلال العمل علي تعميق سوق المصرفية الإسلامية، كما أنه لابد من أن يكون هناك مقرض ومشرف علي هذه البنوك، مضيفا أنه علي الرغم من تبعية البنوك الإسلامية للبنوك المركزية لدول المنطقة، إلا أنه من المعروف أنها لا تستطيع التعامل مع ما تقوم به البنوك المركزية عن طريق شراء السندات أو الأذونات، لأنها تحتوي علي فائدة، والفائدة تتعارض مع المبدأ الذي تعمل وفقه البنوك الإسلامية، ما يعني أهمية وضرورة أن يكون هناك مقرض يتوافق مع هذا المبدأ.