الخطوة التي انتهت منها وزارة الاستثمار لإعداد تشريع جديد يسمح بإنشاء شركات مساهمة برأسمال لا يقل عن 5 ملايين جنيه بهدف تمويل المواطنين من محدودي الدخل لإقامة مشروعات متناهية الصغر، وتقوم عليها الجمعيات الأهلية، والبنوك والأشخاص الاعتباريون قوبل بالرفض من الخبراء في البنوك ورؤساء الجمعيات الاقتصادية، والسبب في ذلك هو أن هذه الشركات التي ستنشأ عديمة الخبرة ولن تكون أفضل من الصندوق الاجتماعي الذي فشل في تمويل هذا القطاع ولجأ إلي البنوك، والسبب الثاني هو أن هذا التمويل لا يضمن سداد الديون التي تم اقراضها نتيجة لعدم وجود جهة مسئولة تضمن هؤلاء العملاء المقترضين، والسبب الثالث هو وجود فجوة كبيرة بين ما هو متاح وما هو مطلوب، وأن المستفيد الأول هم رجال الأعمال وليس الفئة المستهدفة من محدودي الدخل (الأسبوعي) يطرح الأسئلة علي الخبراء في هذا الموضوع لبيان سبب رفضهم لهذا المشروع. يري أحمد قورة الخبير المصرفي ورئيس بنك الوطني المصري السابق أن المشروع ولد فاشلا وهو سيناريو مكرر من الصكوك الملكية التي عرضتها الحكومة العام الماضي، موضحا سبب فشل المشروع لأنه إذا كانت البنوك وهي محترفة منذ عشرات السنين في عمليات الائتمان فشلت حتي الآن في هذا التمويل المتناهي الصغر لمحدودي الدخل، مما جعل أيضا الصندوق الاجتماعي للتنمية يلجأ بعد فشله في عملية التمويل إلي البنوك أصحاب الخبرات. يضيف قورة أن هذه الشركات التي ستنشأ لهذا الغرض هي شركات عديمة الخبرة ولن تستطيع تنفيذ هذا المشروع ولن تنجح. ضمانات كافية أما مجدي فؤاد مدير فرع بأحد البنوك العامة فيري أن هذا المشروع لن ينجح خاصة إذا قامت البنوك باقراض هذه الفئات من محدودي الدخل والسبب في ذلك عدم وجود ضمانات كافية للبنك الذي يمول هذه الفئات حتي يضمن البنك استرداد أموال العملاء، مشيرا إلي أن أي بنك من البنوك العامة يقوم قبل البدء في مشروع الاقراض وعلي سبيل المثال القروض الشخصية للعملاء لابد أن يحدد الضمانة التي تضمن للبنك هذه الأموال وتضمن عودتها للبنك، ومن هذه الضمانات تحويل مرتب العميل إذا كان يعمل في القطاع الحكومي أو العام أو الشركات الخاصة، وتقوم البنوك بالاستعلام والتحقيق من صحة هذه التحويلات التي يعرضها العميل علي البنك، موضحا أن البنوك تؤمن في هذه الحالة قرض العميل لدي إحدي شركات التأمين بمقابل ضمن المصروفات التي تضعها البنوك علي العميل وقدرها 1،5% من إجمالي الفائدة التي يحصل عليها البنك من العميل والتي تكون حسب الشرائح والمدد وتبدأ بفائدة 7% وتزداد الفائدة حسب المدة، وكلما زادت المدة قل القسط الشهري. ويطالب فؤاد في حالة تنفيذ هذا المشروع لابد من الدولة ممثلة في وزارة المالية بدعم هذا المشروع ووضع الضمانات الكافية للبنوك حتي لا تقع في دوامة تعثر العملاء. ويشير مجدي فؤاد إلي أن البنوك العامة أو الخاصة من الصعب أن توافق علي الدخول في هذا المشروع قبل أن تبحث عن الضمانات لهذه القروض التي تحقق لها الأمان. الصندوق الاجتماعي أما فؤاد ثابت رئيس اتحاد الجمعيات الاقتصادية فيري أن هذا المشروع يصب في صالح رجال الأعمال، لأنه سيعود عليهم بالربح والمكسب نتيجة لوجود فجوة كبيرة بين ما هو متاح وما هو مطلوب من تمويل للمشروعات المتناهية الصغر، لافتا إلي أن المتاح من القروض لا يغطي 25% من الاحتياج. ويشير ثابت إلي أن الشركات المقترح إنشاؤها بهذه الطريقة هي شركات تعمل بالربا لأنها سترفع الفوائد وستزيد من الشروط والأحكام علي صغار المستفيدين، كما أن نسبة التعثر في هذه المشروعات لن تجد لها آ صاغية أو يد للمساعدة، مطالبا بضرورة التوسع في نشاط الصندوق الاجتماعي وأن تزداد محفظته الائتمانية ومحفظة الاقراض المقدمة للمشروعات المتناهية الصغر ليتعاظم دورها، بدلا من الاتجاه لإنشاء هذه الشركات الجديدة لأن الدولة تدخل أحيانا لاعفاء بعض المشروعات من الفوائد أو تؤجل دفعها، وحتي الرئيس مبارك كان يتدخل أحيانا لتأجيل الأقساط أو اعدام الديون، مضيفا من أجل هذا الغرض أنشأ الصندوق الاجتماعي إدارة للتعثر تعمل علي تقديم الدعم للمتعثر، وتعيد من جدولة المشروعات المتعثرة، لأنه من المعروف أن الصندوق الاجتماعي له بعد اجتماعي وواجب وطني، أما الشركات الخاصة والاستثمارية فلن يكون لها واقع وطني وسيكون هدفها الأساسي هو تحقيق الربح وتقديم من يتخلف لأي سبب من الأسباب إلي المحاكمة لأن المال مال خاص، الأمر الذي سيزيد الأمور تعقيدا ويجعل المحاكم تمتليء بآلاف القضايا. ويؤكد ثابت أن المشروع يعتبر خصخصة للاقراض وليس له بعد اجتماعي، مشيرا إلي أن الاقراض متناهي الصغر هو نوع من أنواع البزنيس الذي يزداد عليه الطلب.