إذا أردت أن تعرف شعبا ابحث عن قضاياه التي تعكس اهتمامات الناس، وللأسف الشديد أننا لو طبقنا هذه المقولة فسوف نكتشف أن الأشياء التافهة هي التي تشغل حياتنا الآن ابحث عن القضايا التي تراها علي شاشات التليفزيون وتقرؤها في الصحف وقارن بينها وبين ما يحدث في دول العالم الاخري حتي تلك الدول القريبة جدا منا.. للأسف الشديد أننا أضعنا الكثير من الوقت في قضايا لا تستحق. هذه رسالة من أحد القراء أتفق مع كل ما جاء فيها.. في الوقت الذي كان قد أعلن فيه فوز العالمة الإسرائيلية إدا يوناث "70 عاما" بجائزة نوبل في الكيمياء عن أبحاثها من أجل حماية الحياة والتخفيف من معاناة البشر، كانت مصر كلها مشغولة بمشكلات وقضايا مكانها الطبيعي المحاكم لا وسائل الإعلام، اسرائيل تتقدم.. تحصد جوائز نوبل.. جامعاتها تحتل مكانه مرموقة علي مستوي العالم.. والبلد هنا كلها مشغولة بقضايا تدل علي تفاهة المجتمع ووسائل إعلامه. ما الفائدة التي سوف تعود علي البلد من مناقشة مثل هذه الأمور وطرحها في وسائل الإعلام بهذه الكثافة وشغل الرأي العام بها، وكالعادة نظرية المؤامرة التي نعلق عليها كل مصائبنا أن اليهود كما كانوا خلف فشل فاروق حسني في الفوز برئاسة اليونسكو هم أيضا وراء قضية الشواذ وكان اسرائيل تشغلها مثل هذه التفاهات عن هدفها الأساسي في التوقع والاستيطان وتهويد القدس، وتقدمها في البحث العلمي الذي جعلها تنتج طائرة بدون طيار تصل إلي أهدافها في أي مكان في العالم دون أن يشعر بها أحد، ونحن نستورد إبرة الخياطة من الصين. إذا كانت هناك مؤامرة حقا، فإنها مؤامرة داخلية من وسائل الإعلام علي الوطن والمواطن، زمان كان ممنوعا مناقشة أي قضية في الإعلام تكون أمام القضاء، أما الآن فالأمر أصبح "سداح مداح" وسائل الإعلام تناقش وتصدر أحكامها قبل أن يقول القضاء كلمته وكل هذا يسبب سبوبة الإعلانات، إنه إعلام غير مسئول، ويجب أن تكون هناك وقفة جادة في هذا الموضوع سواءمن المسئولين في الإعلام أو القضاء، من غير المعقول أن نعيش حياتنا كلها مشغولين بقضايا أقل ما يقال عنها انها تافهة، والأخطر من ذلك هو تأثير ذلك علي النشء لأنه وللأسف الشديد الشباب ينظر إلي هؤلاء علي أنهم المثل والقدوة، هناك قضايا كثيرة أهم وأولي بهذه المساحات المتميزة في وسائل الإعلام المختلفة وهناك أيضا أبطال حقيقيون في المجتمع يؤدون عملهم بضمير وإخلاص دون صخب أو ضجيج او انتظار لأي مقابل هم أولي باهتمام وسائل الاعلام بل وبمناسبة اننا في شهر أكتوبر هناك جنود وأبطال حاربوا وشاركوا في صنع النصر ونزفت دماؤهم وفقدوا أعضاءهم من أجل شرف هذا البلد، بعضهم مازال علي قيد الحياة، ومقعد لا يتحرك في دار الوفاء والأمل. أظافرهم أهم من الأشخاص الذين شغلتنا وسائل الإعلام بمشاكلهم وتفاهاتهم وصراعاتهم، كل شهر يخترعون لنا حدثا تافها يشغلون الشعب به مثل الدود ينتقل من جسد ميت إلي آخر حي. أحمد إبراهيم [email protected]