في نشاط متميز جديد شهدت مكتبة الإسكندرية أمس افتتاح مؤتمر القمة الأورومتوسطية للمجالس الاقتصادية والاجتماعية والمؤسسات المماثلة، حيث أعلن د. علي المصيلحي وزير التضامن الاجتماعي انتهاء دراسات المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي المزمع إنشاؤه في مصر ويتم حاليا عرضه علي رئيس مجلس الوزراء د. أحمد نظيف مشيراً إلي أن ذلك يأتي في إطار حرص الدولة علي تحقيق المشاركة المجتمعية في صنع القرار. أشار د. المصيلحي إلي أن تجربة هذا المجلس مختلفة عن المجالس الشبيهة في الدول العربية، وسيتم إنشاؤه بقرار جمهوري مثل المجلس القومي للأمومة والطفولة. وأوضح وزير التضامن الاجتماعي خلال مؤتمر صحفي عقده أمس علي هامش القمة أنه تمت دراسة هذا المجلس علي مدي عام ونصف العام، مشيراً إلي أن هذا المجلس يختلف عن المجالس القومية المتخصصة والتي تضم الوزراء والخبراء، ولكنها تضم ممثلي المجتمع المدني فقط للاهتمام بالرؤية المجتمعية، كما أشار إلي ذلك المجلس سيمول من الحكومة بالكامل وليس الاعتماد علي التمويل الأجنبي، لافتاً إلي أن التعاون مع المفوضية الأوروبية سيكون علي المستوي المجتمعي. وكان الدكتور إسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية قد أكد في كلمته في افتتاح أعمال مؤتمر القمة الأورومتوسطية للمجالس الاقتصادية والاجتماعية، أن الوضع الجديد في العالم في ظل تأثيرات الأزمة المالية يتسبب في إنحدار اقتصاد الولاياتالمتحدة وصعود اقتصاد الشرق الأقصي، مشيراً إلي أنه رغم وجود إدارة سليمة في الولاياتالمتحدة إلا أن الأزمة المالية كشفت عن الحاجة إلي هيكل إداري جديد، كما أوضح أن العالم يمر بمجموعة تحديات أشدها خطورة التغير المناخي الذي يسبب آثارا كارثية لا يمكن تجاهلها، مشيراً إلي أن دول الجنوب تلجأ إلي أساليب ربما تكون تقليدية ومكررة لكنها قد تفي بالغرض للتصدي لتلك الآثار، وقال إن مصر ستواجه آثارا وخيمة أهمها ارتفاع معدل مياه البحر، وغمر الدلتا بمياه البحر، مما يعني القضاء علي جزء مهم من أراضي مصر الزراعية. وشدد سراج الدين علي ضرورة استغلال مساحات الأراضي الشاسعة في مصر، خاصة أن سكان مصر يتكدسون في مساحة ضئيلة جداً من الأراضي المصرية، وطالب مدير مكتبة الإسكندرية بأن يكون البحر المتوسط مساحة مثلي يحتذي بها العالم أجمع في التعاون والتكاتف وحل القضايا واحتوائها بين الشمال والجنوب، فالعالم كله ملئ بالصراعات والنزاعات، والتمرد والثورة والشعور باليأس ومن خلال تعاوننا مع الاتحاد الأوروبي نريد أن تعم المساواة والرخاء علي شعوب البحر المتوسط. ومن جانبه أعرب اللواء عادل لبيب محافظ الإسكندرية عن تفاؤله إزاء الموضوعات التي سيناقشها المؤتمر مثل التغيرات المناخية في البحر المتوسط والتنمية والطاقة، وتأثير الأزمة المالية العالمية علي المنطقة الأورومتوسطية والقوي العاملة، منوهاً إلي أن ضفتي المتوسط قد شهدتا تاريخاً مشتركاً والآن قد ظهرت الحاجة الملحة للعمل المشترك والتعامل مع تحديات التنمية المستدامة، خاصة في عصر التكتلات المتعاونة، وأعرب عن أمله في أن تصل القمة إلي حلول عملية لحل التحديات التي تواجه المنطقة. أما إيريني باري نائب رئيس اللجنة الاقتصادية والاجتماعية الأوروبية فقد أكدت أن انعقاد القمة في مصر يأتي لدورها المهم في المنطقة ودورها في إطلاق مبادرة الاتحاد من أجل المتوسط، منوهة إلي أنها المرة الأولي التي تجمع القمة شركاء جددا مثل كرواتيا والبوسنة وموناكو، مما يمكن القمة من العمل بشكل أقوي في المستقيل، كما أشارت بدورها إلي أن العالم يواجه تحديات عديدة أثرت بطريقة سلبية، علي النواحي الاقتصادية والاجتماعية إلا أنها لم تؤثر علي معدل التنمية، لكن الأزمة المالية زادت من معدلات البطالة التي شعرنا بها كلنا، وعلينا أن نبذل الجهود لكي تخرج أوروبا من الأزمة، وهو ما يتطلب التعاون الاقليمي، لكي نزيد الاستثمارات بين دول الجنوب والشمال بهذه الروح نستطيع أن نقول أن هناك أملا. كما أعلنت إنجيلا نبلوتي ممثلة المجالس الاقتصادية والاجتماعية اليورومتوسطية بالمفوضية الأوروبية عن بدد تنفيذ اتفاقية التعاون مع مصر لدعم مشروعات المجتمع المدني خلال عامي 2010 و2011 بميزانية بلغت 140 مليون يورو، لافتة إلي أن تلك الميزانية مخصصة لإنشاء المشروعات التنموية في عدد من المجالات منها الصحة العامة والتنمية الريفية، والتعاونيات والتصدير إلي أوروبا في مجال السياحة، بالإضافة إلي الخدمات البريدية وأمان خطوط السكك الحديدية، وتحسين نوعية المياه، وأمان الطرق. وقالت إن المفوضية تدعم العديد من المشروعات التنموية بصفة سنوية، بعد أن يتم عقد الدراسات والاجتماعات مع مؤسسات المجتمع المدني، كما أكدت أهمية التعاون بين المجتمعات في منطقة الأورومتوسط من أجل مناقشة القضايا التي تهم الأفراد والمؤسسات المجتمعية غير الهادفة للربح، مشيرة إلي أن المجلس الأوروبي تم إنشاؤه من أجل مناقشة القضايا التي تهم الناس والمجتمعات ومن أجل تقديم المشورة إلي الحكومات. وفي كلمته، ركز الدكتور عبدالعزيز حجازي رئيس الاتحاد المصري للمنظمات غير الحكومية، علي العلاقات بين الشمال والجنوب في شتي المجالات، وقال إن الأمور الاقتصادية والاجتماعية تتطلب وضع برامج طويلة وقصيرة الأمد وأيضاً هي بحاجة لخطة تترجم إلي مشروعات، ولفت إلي المسئولية المشتركة بين دول المتوسط للتصدي للهجرة غير الشرعية، حيث تقلل من آثارها هذه المشكلة، والتي لن تحل إلا بتطوير نظام التعليم والتدريب، وأشار إلي التعاون المشترك بين مصر وألمانيا وفرنسا وإنجلترا في مجالات التعليم. وحول مشكلة الطاقة أكد حجازي علي ضرورة التوجه لمصادر بديلة، وعلينا أن ندعم مشروعات الطاقة الشمسية والتي تملك دول الجنوب بيئة مناسبة لها، ونبه إلي أهمية القضاء علي الفقر ودور رجال الأعمال في مساعدة الفقراء لتحقيق التنمية في المجتمع. كما اقتبس محمد أبوالعينين عضو مجلس الشعب المصري ورئيس لجنة الصناعة والطاقة ونائب رئيس الجمعية البرلمانية الأورومتوسطية من كلمة الرئيس الفرنسي ساركوزي إن مستقبل أوروبا في الجنوب مؤيداً لها باعتبار أن جنوب المتوسط لديه إمكانات هائلة ولكن المشكلة هي في كيفية استغلالها. وشدد علي ضروة حل الصراع المحتدم في الشرق الأوسط الصراع العربي الاسرائيلي حتي يتحقق السلام وبضرورة الاتفاق علي رؤية موحدة لشعوب المتوسط يمكن ان تكون ركيزة كبري لتحقيق السلام. واكد وزير الخارجية احمد أبو الغيط ان تحقيق آمال الشعوب وطموحاتها في مواجهة التحديات المستقبلية يستند علي رصيد من القيم المشتركة ومبدأ التكافؤ، مشيرا إلي ضرورة الالتزام بمبادئ الشرعية الدولية والعمل علي تحقيق السلام العادل والشامل والدعم في منطقة الشرق الأوسط، واوضح في الكلمة التي ألقاها السفير حمدي لوزة مساعد الوزير للشئون الأوروبية نيابة عنه أن مصر قامت بدور محوري في إطلاق عملية برشلونة والاتحاد من أجل المتوسط وخاصة من مدينة الاسكندرية وفي مكتبة الاسكندرية التي تعد منارة العلم والمعرفة.